وحسب الأشاعرة في باب التأويل ما فتحوه على الإسلام من شرور بسببه فإنهم لما أوَّلوا ما أوّلوا تبعتهم الباطنية, واحتجت عليهم في تأويل اَلحلال والحرام والصلاة والصوم والحج والحشر والحساب، وما من حجة يحتج بها الأشاعرة عليهم في الأحكام والآخرة إلا احتجّ الباطنية عليهم بمثلها أو أقوى منها من واقع تأويلهم للصفات. وإلا فلماذا يكون تأويل الأشاعرة لعلو الله الذي تقطع به العقول والفطر والشرائع تنزيها وتوحيدا, وتأويل الباطنية للبعث والحشر كفرا وردة؟ .
أليس كل منهما ردّاً لظواهر النصوص مع أن نصوص العلو أكثر وأشهر من نصوص الحشر الجسماني؟. ولماذا يكفّر الأشاعرة الباطنية ثم يشاركونهم في أصل من أعظم أصولهم؟
الثاني عشر: السمعيات:
يقسم الأشاعرة أصول العقيدة بحسب مصدر التلقي إلى ثلاثة أقسام:
١ـ قسم مصدره العقل وحده وهو معظم الأبواب, ومنه باب الصفات, ولهذا يسمون الصفات السبع "عقلية"وهذا القسم هو"ما يحكم العقل بوجوبه"دون توقف على الوحي عندهم.
٢ـ قسم مصدره العقل والنقل معا كالرؤية -على خلاف بينهم فيها-, وهذا القسم هو"ما يحكم العقل بجوازه استقلالا أو بمعاضدة الوحي".
٣ـ قسم مصدره النقل وحده وهو السمعيات أي المغيبات من أمور الآخرة كعذاب القبر والصراط والميزان, وهو عندهم: مالا يحكم العقل باستحالته لكن لو لم يرد به الوحي لم يستطع العقل إدراكه منفردا, ويدخلون فيه التحسن والتقبيح والتحليل والتحريم.