وقال شارح المواقف (٢٩٨) : "كلامه تعالى عندنا واحد وهو المعنى القائم بالنفس الذي يعبر عنه بالألفاظ. وأما انقسامه إلى الأمر والنهي والخبر والاستفهام والنداء فإنما هو بحسب التعلق, فذاك المعنى الواحد باعتبار تعلقه بشيء على وجه خاص يكون أمراً, وباعتبار تعلقه على وجه آخر يكون خبراً وهكذا البواقي". اهـ.
هذا الذي قاله الكُلاَّبية والأشاعرة في كلام الله عز وجل هو من أفسد ما قيل في كلامه سبحانه, وكلما تأمّل العاقل هذا القول تبين له فساده, وعلم مخالفته للكتاب والسنة وكلام سلف الأمة.
ومن اللوازم الفاسدة لهذا القول لا مفر لهم منها:
أـ إن القرآن المنزّل على خاتم النبيين -صلى الله عليه وسلم- مخلوق فإنه كلام عربي مؤلف من حروف, وهؤلاء نفوا أن يكون لكلامه تعالى حرف.
ب ـ إن القرآن الكريم ليس كلام الله تعالى عندهم حقيقة.
ج ـ إن القرآن المنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم- هي التوراة المنزلة بالعبرية على موسى, وهو الإنجيل المنزل بالسريانية على عيسى عليهما السلام.
د ـ إن معنى قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} معنى قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} .
وهل يقول ذلك عاقل وهو يدري ما يقول؟.
ونفى الكُلاّبية والأشاعرة أن يكون كلام الرب يتعلق بمشيئته وقدرته زعماً منهم أنه لو كان مقدوراً ومراداً له لكان حادثا فيلزم على هذا قيام الحوادث بالرب سبحانه.
وقد وافق هؤلاء نفاة الصفات من جهمية ومعتزلة على أصلهم الفاسد وهو نفيهم المجمل "أن الله ليس محلا للحوادث", ولكن فرقوا بين الصفات الذاتية وبين الصفات الاختيارية فقالوا: تقوم به تعالى الصفات الذاتية مثل الحياة والعلم والقدرة وجعلوا منها الكلام, وقالوا: لا يلزم من ذلك أي محذور لأنها صفات لازمة الذات.