عن علقمة بن وائل عن أبيه: أن امرأة وقع عليها رجل في سواد الصبح وهي تعمد إلى المسجد بمكروه من نفسها، فاستغاثت برجل مرّ عليها وفر صاحبها، ثم مرّ ذوو عَدد فاستغاثت بهم، فأدركوا الرجل الذي كانت استغاثت به فأخذوه، وسبقهم الآخر, فجاءوا به يقودونه إليها فقال:"أنا الذي أغثتك وقد ذهب الآخر"، فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم فقال الرجل:"إنما كنت أغثتها على صاحبها فأدركني هؤلاء فأخذوني", فقالت:"كذب، هو الذي وقع عليَّ ", فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"انطلقوا به فارجموه", فقام رجل فقال:"لا ترجموه فارجموني فأنا الذي فعلت بها الفعل"واعترف, فاجتمع ثلاثة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم: الذي وقع عليها والذي أغاثها والمرأة. فقال:"أما أنت فقد غفر لك", وقال للذي أغاثها قولا حسنا. فقال عمر رضي الله عنه:"أرجم الذي اعترف بالزنا", فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:"لا. لأنه قد تاب", وفي رواية فقالوا:"يا رسول الله أرجمه", فقال:"لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة لقبل منهم"[٤٨] .
وعند الترمذي أمر برجمه، فقال:"ارجموه لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة لقبل منهم"[٤٩] .
مما لا شك فيه أن هذين الأثرين يوهنان الأخذ بالقرينة ويفتان في عضد الاحتجاج بها ويقويان شبهة المانعين للعمل بها من حيث أن شواهد الحال كثيرا ما تكذب، وأن الأمر يكون خلاف ما دلت عليه القرائن الظاهرة, فلو أخذنا بها لذهبت دماء وأموال لمجرد الاحتمال. غير أنه لا يفوتنا في هذه المقام أن نورد ما ذكره الإمام ابن القيم- رحمه الله- عن هذين الأثرين.