وبعد أن بيّن ابن القيم - رحمه الله- هذا الاضطراب في متن الحديث، ووهّم أحد رواته ذكر أن القرائن في هذا الحديث مع أنها دلت على خلاف الواقع، إلا أن الرسول عليه الصلاة والسلام قد حكّم القرائن أيضا، وإلا فكيف أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- برجم المتهم الذي كان مغيثا للمرأة مع عدم إقراره ولم تقم شهادة على رؤية الزنا. قال:"فيقال: - والله أعلم- إن هذا مثال إقامة الحد باللوث الظاهر القوي، فإنه أدرك وهو يشتد هارباً بين أيدي القوم، واعترف بأنه كان عند المرأة، وادعى أنه كان مغيثا لها، وقالت المرأة: "هو هذا"وهذا لوث ظاهر، وقد أقام الصحابة حد الزنا والخمر باللوث الذي هو نظير هذا أو قريب منه وهو الحمل والرائحة... ولما انكشف الأمر بخلاف ذلك تعين الرجوع إليه، كما لو شهد أربعة بزنا المرأة لم يحكم برجمها إذا ظهر أنها عذراء أو ظهر كذبهم"[٥١]
يتبين من هذا أن الإمام ابن القيم يرى أن هذين الأثرين لا يمنعان العمل بالقرينة، إنما يؤيدان الحكم بالقرائن إذ أنه عليه السلام أمر برجم الرجل الذي وجد عند المرأة وادّعى إغاثتها وليس هناك ما يدعوه إلى إصدار هذا الحكم بالرجم إلا القرائن الظاهرة. ويرى ابن القيم أن في هذا الحديث تأييداً لمذهبه القاضي بإعمال القرائن في إثبات الحدود.