وقد عمل الأستاذ أحمد الشرقاوي إقبال كتاباً ضخماً لمؤلفات السيوطي رتبه على حروف المعجم وسماه "مكتبة الجلال السيوطي"قال في مقدمته: "أحصيت في هذا الفهرست التآليف السيوطية، فكانت ٧٢٥ عدداً، أخرجت منها الطباعة نيفاً ومائتين ... "
ثانيا: الكتب المصنفة في إعراب الحديث:
النحاة والحديث:
الحديث النبوي أصل من أصول النحو، ومصدر من مصادره السماعية، ولكن الناظر في كتب النحو يتملكه العجب وهو يرى قلة احتجاج النحاة بالحديث وكثرة استشهادهم بالشعر. وقد غلب هذا الاتجاه على النحاة الأوائل، وقلّدهم من جاء بعدهم. ثم اختلف موقف النحاة بعد, فمنهم من قويت عنايته بالحديث والاحتجاج به كابن الطراوة (٥٢٨هـ) والزمخشري (٥٣٨ هـ) والسهيلي (٥٨١هـ) وابن خروف (٠ ٦١ هـ) وابن يعيش (٦٤٣ هـ) ، وبلغ الاهتمام بالحديث أوجَّهُ عند ابن مالك الأندلسي (٦٧٢هـ) الذي يعدّ إمام الاحتجاج بالحديث النبوي.
وقد لخصّ السيوطي مذهب ابن مالك في الاحتجاج فقال:"كان أمة في الاطلاع على الحديث، فكان أكثر ما يستشهد بالقرآن، فإن لم يكن فيه شاهد عدل إلى الحديث، فإن لم يكن فيه شاهد عدل إلى أشعار العرب"[٥] .
وهكذا مهّد ابن مالك السبيل لمن جاء بعده، فسار على دربه ابن هشام (٧٦١هـ) والدماميني (٨٢٧ هـ) والأشموني (٩٢٩هـ) وغيرهم.
ومن النحاة من تزعّم منع الاحتجاج بالحديث، وأشهرهم اثنان: ابن الضائع (٦٨٠ هـ) وأبو حيان الأندلسي (٧٤٥هـ) ، وذلك لأمرين: أحدهما أن الرواة جوّزوا نقل الحديث بالمعنى، والثاني أن كثيراً من رواة الحديث كانوا غير عرب بالطبع فوقع اللحن في نقلهم [٦] .
وقد رجَّح معظم المتأخرين مذهب ابن مالك في الاحتجاج بالحديث، وذلك لشدّة عناية المحدثين برواية الحديث وورعهم في نقله، وتمييز الأحاديث الصحيحة من غيرها، بعد الجهد العظيم الذي بذله علماء الحديث.