" ... وبعد فقد أكثر العلماء قديماً وحديثاً من التصنيف في إعراب القرآن ولم يتعرضوا للتصنيف في إعراب الحديث سوى إمامين: أحدهما الإمام أبو البقاء العكبري ... والثاني الإمام جمال الدين ابن مالك ... وقد استخرت الله تعالى في تأليف كتاب في إعراب الحديث مستوعب جامع ... "
وفيما يلي وصف لهذه المصنفات:
(١) إعراب الحديث النبوي- للإمام العكبري (٥٣٨-٦١٦هـ) :
أبو البقاء محب الدين عبد الله بن الحسن العكبري الأصل، البغدادي المولد والدار، الفقيه الحنبلي الحاسب الفرضي النحوي الضرير [٩] .
برع أبو البقاء في فنون كثيرة وله مصنفات عديدة منها: إعراب القرآن واللباب في علل البناء والإعراب، وشرح الإيضاح والتكملة لأبي علي الفارسي، وشرح المفصل للزمخشري وغيرها.
وقد صنف أبو البقاء العكبري أول كتاب في إعراب الحديث [١٠] ، وأعتمد في أخذ الأحاديث على كتاب جامع المسانيد لابن الجوزي (٥٩٧هـ) الذي جمع فيه مصنفه غالب مسند أحمد وصحيح البخاري ومسلم والترمذي.
قال أبو البقاء في مقدمته:
"أما بعد فإن جماعة من طلبة الحديث التمسوا مني أن أملي مختصراً في إعراب ما يشكل من الألفاظ الواقعة في الأحاديث، وأن بعض الرواة قد يخطئ فيها، والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بريئون من اللحن، فأجبتهم إلى ذلك، واعتمدت على أتمّ المسانيد وأقربها إلى الاستعياب وهو جامع المسانيد للإمام الحافظ أبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي، رحمه الله، مرتّبة على حروف المعجم، والله الموفق للصواب".
ومجموع الأحاديث التي تعرّض العكبري لإعرابها نحو ٤٣٠ حديثاً، كان يستشهد عليها بالقرآن والشعر، وقد يتعرض للخلافات النحوية، وقد يذكر العكبري للرواية أكثر من إعراب. وإذا خرجت الرواية عن المألوف في كلام العرب ولم يجد لها وجها في قواعد النحاة حكم العكبري عليها باللحن.