للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والله أسأل أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم، موجباً للفوز بجنات النعيم، إنه البرّ الرحيم ...

مقدمة

[في الاستشهاد بالحديث]

اعلم أن كثيراً من الأحاديث روتها الرواةُ بالمعنى، فزادوا فيها ونقصوا، ولحنوا، وأبدلوا الفصيح بغيره، ولهذا تجد الحديث الواحد يروى بألفاظ متعددة، منها ما يوافق الإعراب والفصيح،

ومنها ما يخالف ذلك [٢٠] .

وقد قال الحافظ فتح الدين بن سيد الناس [٢١] : "إذا ورد الحديث على وجهين ما يوافق الفصيح وما يخالفه، فالموافق للفصيح هو لفظ النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لم يكن ينطق إلاّ بالفصيح".

وقد نقل هذا الكلام عن المزني [٢٢] .

قال أبو عاصم العبادي [٢٣]- من متقدمي أصحابنا- في طبقاته: "قال المزني: لا يروى في الحديث خطأ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أفصح العرب، فلا يجوز أن يروي خطأ".

وقال أبو الحسن بن الضائع [٢٤]- بالضاد المعجمة- في شرح الجمل [٢٥] :

"تجويز الرواية بالمعنى هو السبب عندي في ترك الأئمة كسيبويه وغيره الاستشهاد على إثبات اللغة بالحديث، واعتمدوا في ذلك على القرآن وصريح النقل عن العرب. ولولا تصريح العلماء بجواز النقل بالمعنى في الحديث لكان الأولى في إثبات فصيح اللغة كلام النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أفصح العرب".

قال: "وابن خروف [٢٦] يستشهد بالحديث كثيراً فإن كان على وجه الاستظهار والتبرك بالمروي فحسن، وان كان يرى أن من قبله أغفل شيئاً وجب عليه استدراكه فليس كما رأى".

وقال أبو حيان [٢٧] في شرح التسهيل [٢٨] :