للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومنشأ هذا الخلاف: أن الفاتحة نزلت مرتين مرةً بالبسملة ومرة بدونها والمقصود من البسملة هو التبرك بذكر اسم الله تعالى والاستعانة به على التلاوة والصلاة فلذا قراءتها أرجح من عدمها، وإنما نظراًَ لحديث أنس في الموطأ والصحيحين: "أنه صلى وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووراء أبي بكر وعمر فكانوا يستفتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين"، فإن الاختيار أن تقرأ البسملة سراً، ثم يجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية.

بعد هذه المقدمة نشرح الآية الكريمة فنقول:

شرح الكلمات في الآية:

الحمد: "ال"فيها لاستغراق الجنس أي أن عامة ألفاظ الحمد وسائر كلمات الثناء والمحا مد التي عرفها الناس، وما لم يعرفوا منها هي لله تعالى، والله مستحق لها جميعها. وفي الحديث: "اللهم لك الحمد كما أنت أهله".

والحمد: هو الوصف بالجميلِ الاختياري والمدح مثله إلا أنه يُفارقه فيكون بالجميل غير الاختياري كأن نحمد زيداً فنقول: زيد ذو خلق فاضلٍِ، ونَمدَحُه فنقول: زيدٌ جميل الوجه معتدل القامة. فكان قولنا: زيد ذو خلق فاضِل حمداًَ، لأنه على الجميل الاختياري، وكان قولنا: زيد جميل الوجه معتدل القامة مدحاًَ، لأن جمال وجهه واعتدال قامته حصل له بالاضطرار لا بالاختيار، أي لم يكن هو الذي جمل وجهه وعدل قامته بل الفاعل لذلك هو الله تعالى بخلاف حسن خلقه فإنه حصل له بكسبه واختياره. وصفات الجمال في الله تعالى كلها اختيارية. لذا يَحسن أن نقول حمدنا الله تعالى ونحمدُه، ولا نقول مدحنا الله تعالى ونمدَحُه، كما يحسن أن نقول: مدحنا زيداً نمدحه، ولا نقول: حمدنا زيداً نحمده لما علمنا من أن الحمد هو الوصف بالجميل الاختياري، والمدح هو الوصف بالجميل الاختياري أو الاضطراري.