للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن الشفاعة ملك خاص لله وحده، فمن الشرك القول: "نسألك الشفاعة يا رسول الله "لأن السائل ذلك يسأله ما يملكه الله وحده، فيحبب أن يقول: اللهم اجعلنا ممن يستحق شفاعة نبيك. بيد أن الشيطان زين لعباده أنه لا فرق بين الأمرين، وأن التفريق بينهما تزمت وتنطع، في الدين قال الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} . نفى الله عمن سواه كل ما يتعلق به المشركون، نفى أن يكون لغيره ملك أو قسط من الملك، أو يكون عوناًَ لله، فلم يبق إلا الشفاعة، فبين أنها لا تنفع إلا لمن أذن له الرب كما قال: {وَلا يَشْفَعُونَ إِلا لِمَنِ ارْتَضَى} فالشفاعة التي يظنها المشركون، منفية {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلا بِإِذْنِهِ} . وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يبدأ بالشفاعة أولا، بل يسجد لله ويحمده ثم يأذن له في الشفاعة بقول الله له اشفع. وقال أبو هريرة: من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟ قال: "من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه" [٤] فتلك الشفاعة لأهل الإخلاص وهي محرمة على المشرك، وحقيقتها تفضل الله سبحانه على أهل الإخلاص بمغفرته بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع ليكرمه، وينال المقام المحمود، فالشفاعة التي نفاها القرآن ما كان فيها شرك، والتي أثبتها هي ما كانت بإذنه، ولمن رضي عنه، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص.


[١] رواه مسلم في صحيحه انظر مسلم بشرح النووي ج١٨ص١١٥، وابن ماجه في سننه ج٢ص١٤٠٥