إنه عليه الصلاة والسلام بدأ بما بدأ به كل الأنبياء وانطلق من حيت انطلقوا بدعواتهم من عقيدة التوحيد والدعوة إلى إخلاص العبادة لله وحده، من لا إله إلا الله محمد رسول الله وهل يتصور منه أومن أحد من الأنبياء أن يبدأ بغير هذا الأصل العظيم أصل أصول الرسالات كلها. لقد بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الأصل فأول شيء طرق مسامع قومه قولوا لا إله إلا الله. فقال المستكبرون منهم {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ. وَانْطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ} . (ص: ٥- ٦) ، واستمر داعيا إلى هذا المبدأ الأسمى والمطلب الأعلى طيلة العهد المكي من رسالته ثلاثة عشر عاما لا يكل ولا يمل صابراً على كل ألوان الأذى في سبيل نشر هذا المبدأ فلم يُفرض عليه من التشريعات وأركان الإسلام إلا الصلاة في السنة العاشرة من البعثة اللهم إلا ما كان يأمر به قومه من معالي الأخلاق كصلة الرحم والصدق والعفاف ولكن محور الدعوة وموضوع الصراع والخصومة إنما هو ذلك الأصل العظيم.
لقد كلف الله هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم تكليفا خاصا أن يقوم بهذا الأصل العظيم. قال تعالى:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ، أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} . (الزمر: ٢-٣) .