للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(٤) وبعث معاذاً إلى اليمن أميراً وقاضيا ومعلماً فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصيته: "إنك تأتى قوما من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله. وفى رواية إلى أن يوحدوا الله وأني رسوله الله، فإن هم أطاعوك لذلك فاخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوك لذلك، فاخبرهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" [٥١] ، ولا يشك أنه كان يوصي كل دعاته وأمرائه وقضاته بمثل هذه الوصية.

(٥) وشرع الجهاد من أجل التوحيد وتطهير الأرض من فتنة الشرك. قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ} .

قال ابن جرير [٥٢] رحمه الله: يقول تعالى ذكره لنبيه: "وقاتلوا المشركين الذين يقاتلونكم، حتى لا تكون فتنة يعني حتى لا يكون شرك بالله، وحتى لا يعبد دونه أحد، وتضمحل عبادة الأوثان والآلهة والأنداد، وتكون العبادة والطاعة لله وحده دون غيره من الأصنام والأوثان ... "، قال قتادة: "حتى لا يكون شرك". وساق أسانيده بهذا التفسير إلى قتادة ومجاهد والسدى وابن عباس، وقال المراد بالدين الذي ذكره الله في هذا الموضع: العبادة والطاعة لله في أمره ونهيه. قال ومن ذلك قول الأعشى:

هودان الرباب إذ كرهوا

الدين دراكاً بغزوة وحيال

ثم ساق إسناده إلى الربيع {وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} يقول: حتى لا يعبد إلا الله، وذلك لا إله إلا الله عليه قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وإليه دعا.