للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما الصورة الثانية: فينقلها لنا الأستاذ الدكتور عبد القادر عودة رحمه الله، وهو يشير إلى ازدياد الجرائم في المجتمع المصري، بسبب عدم تطبيق التشريعات الإسلامية، مقارناً بين المجيمع المصري والمجتمع السعودي في ظل الإسلام، فيقول إن الحالة الإقتصادية مهما قيل فيها لا تكون سبباً في ازدياد الجرائم، ما دامت العقوبة رادعة، وليس أدل على صحة هذا القول من الحالة في الحجاز، فلا شك أن الحالة الإقتصادية والاجتماعية في مصر أفضل منها في الحجاز، ومع ذلك فقد قلت الجرائم في الحجاز وازدادت في مصر وانتشر الأمن هناك واختل هنا. ولقد كان الحجاز في يوم ما مضرب الأمثال في اختلال الأمن والنظام، والجرأة على ارتكاب الجرائم وترويع الآمنيين، والحجاج والمسافرين، وقطع الطريق عليهم لنهب مالهم ومتاعهم، ولعل الحالة الإقتصادية والاجتماعية في الحجاز الآن ليست خيراً منها يوم كان الفساد مستشرياً في الحجاز، والفرق بين الحجاز قديماً وحديثاً هو نفس الفرق بين مصر والحجاز اليوم، هو وجود العقوبة الرادعة في الحجاز الآن، وانعدامها قديماً، وهو كذلك انعدام هذه العقوبة في مصر اليوم، فهذه العقوبة الرادعة في ظل الشريعة الإسلامية هي التي وطدت الأمن في الحجاز، وقضت على السلب والنهب وقطع الطريق، وجعلت الأمن فيه مضرب الأمثال، فلا يسقط من مسافر شيء إلا وجده في دار الشرطة، ولا يضيع لأحد شيء إلا رد إليه حيث كان، ولو لم يبلغ بضياعه مادام مع المال ما يدل على اسم صاحبه [٢٦] وهذا ما نعيشه الآن في هذه البلاد والحمد لله حيث أن الإنسان دائما- إلا في حالات نادرة- مطمئن على متاعه وعلى أمواله يتركها غالبا دون ماَ حراسة تذكر ودون اهتمام بها فيوفر المجتمع بذلك طاقات كبيرة وجهودا كثيرة بينما الدول الأخرى كما هو معروف، حيث نقرأ يوميا عن الجرائم البشعة التي لا تتصور، حيث تداهم البيوت والمؤسسات المالية ويهجم على المصارف ويختطف التجار