القول الأول للجمهور: وهو أن عدة المتوفى عنها تبدأ من حين موت الزوج وهو زمن وجوب الإحداد عليها سواء علمت بذلك حين الوفاة أولم تعلم إلا بعد ذلك ما لم تنقضي أربعة أشهر وعشرا. فإذا انقضت قبل علمها فلا عدة عليها ولا إحداد وذلك لأن المقصود من العدة هو عدم التزوج وقد وجدوا أيضاًَ العالمة بالوفاة لو مرت عليها أربعة أشهر ولم تحد خرجت من العدة اتفاقا فكذا هنا [١٦] . فالعدة هي مضي المدة وذلك يتحقق بدون علمها فهي وعدة الطلاق سواء. غاية ما في الأمر أنها لم تفعل الإحداد ولكن ذلك لا يمنع من انقضاء العدة كما لو كانت عالمة بموت زوجها.
القول الثاني: عن علي رضي الله عنه وهو أن العدة تبدأ من وقت علمها بالوفاة فعلى هذا لا تجب عليها العدة وكذلك الإحداد إلا إذا علمت بوفاة زوجها حتى ولو مرت على وفاته أربعة أشهر وعشرا قبل علمهَا لم تنقضي عدتها لأن عليها الإحداد ولا يمكنها إقامته إلا بالعلم بموته [١٧] . ولأن هذه العدة تجب بطريق العبادة فلابد من علمها بالسبب لتكون مؤدية للعبادة.
ورد هذا بأن العبادة تبع لا مقصود بدليل أن العدة تجب على الكتابية إذا كانت تحت مسلم وهي لا تخاطب بالعبادات.
وعندي أن العدة تجب عليها من وقت الوفاة لما بيّنا ولأن المقصود براءة الرحم وقد وجدت فلا مجال لإيجاب العدة عليها بعد مرور المدة المنصوص عليها.
المسألة الثانية: هل المعتبر لخروج المعتدة المتوفى عنها زوجها من عدتها الليالي أو الأيام في قوله عشراً؟ المدة المنصوص عليها التي تخرج بها المعتدة من عدتها والحال أنها متوفى عنها هي أربعة أشهر وعشرا وهذا لا خلاف فيه لأنه منصوص عليه وإنما اختلف الفقهاء في أمر واحد وهو الاحتمال الوارد في قوله عشراً فإنه يحتمل أن يكون المراد بذلك الأيام وأن يكون المراد بذلك الليالي ولهذا اختلف الفقهاء في ذلك على قولين: