ومن المعلوم أن المنكوحة بنكاح باطل مجمع على بطلانه كنكاح القريبة من النسب ونكاح المحرمة بالمصاهرة أو الرضاع ونحو ذلك لا تجب عليها عدة الوفاة إجماعا [٢٧] . لأن الفقهاء مختلفون في وجوب عدة الوفاة على الموطوءة بشبهة وأكثرهم على عدم وجوبها فإذا كان الأمر كذلك فعدم الوجوب في النكاح الباطل أولى هذا ويشكل على قول الفقهاء القائلين بعدم وجوب العدة على الموطوءة بنكاح فاسد الحكم بوجوب عدة الطلاق على المد خول بها إذ أنه لا فرق بينها وبين المطلقة في هذا المعنى فالمطلقة إذا كانت ممن تحيض فعدتها ثلاثة قروء وإذا لم تكن كذلك فعدتها ثلاثة أشهر وهذه مثلها إذا حصلت الخلوة والإصابة وإن كان بعدها قبل الإصابة فالمنصوص عند الحنابلة أن عليها العدة أيضاً لأنه أجري مجرى الصحيح في لحوق النسب فكذا في العدة [٢٨] . لكن يزول الإشكال إذا عرفنا أن عدة الوفاة إنما تجب على الزوجة دون غيرها وهو منصوص عليه في الكتاب والسنة والمنكوحة بنكاح فاسد ليست بزوجة في الحقيقة فلا تجب عليها عدة الوفاة وإنما وجبت عليها عدة الطلاق لما بينّا من الدليل هذا في العدة والأمر كذلك في الإحداد والحنفية يستثنون الصغيرة والمجنونة والكتابية من ذلك في حين أنهم يرون إيجابَ العدة على الجميع وقد أسلفنا ما يتعلق بذلك قريبا.
المطلب الرابع: في وجوب الحداد على المطلقة إذا مات زوجها قبل انقضاء عدتها من الطلاق:
المطلقة لا تخلو من أحد أمرين إما أن تكون رجعية أو بائنا والبائن لا تخلو من أن يكون طلاقها في صحة الزوج وإما أن يكون في حالة مرضه وطبقا لهذا التقسيم يكون الكلام في هذا المطلب ولهذا فقد رأيت أن يكون البحث في جانبين. أحدهما متفق عليه والآخر مختلف فيه.