الوجه الأول: أن المعتدة المطلقة تنقضي عدتها بوضع حملها إذا كانت حاملا إجماعاً فكذا المتوفى عنها قياسا عليها لأن العدة إنما شرعت في الأصل لمعرفة براءة رحمها من الحمل ووضعه أدل الأشياء على البراءة منه فوجب أن تنقضي العدة.
الوجه الثاني: أنه لا خلاف بين أهل العلم في بقاء العدة والمرأة حاملا فإذا كان الأمر كذلك فينبغي أن تنقضي العدة بوضعه كما لو كانت الحامل المطلقة [٥٦] .
القول الثاني مروي عن علي وابن عباس وابن مسعود وأبي السنابل وعبد الرحمن بن أبي ليلى وسحنون من المالكية أن المتوفى عنها الحامل لا تنقضي عدتها بوضع حملها وإنما تعتد أطول الأجلين ومعناه أنها إن وضعت قبل مضي أربعة أشهر وعشر تربصت إلى انقضائها ولا تحل بمجرد الوضع وإن انقضت المدة قبل الوضع تربصت إلى الوضع على اختلاف في نسبة هذا القول إلى هؤلاء الأئمة الأعلام.
وتحرير المقام في ذلك ما ذكره ابن حجر في الفتح وهو أن هذا القول ثابت عن علي رضي الله عنه بإسناد صحيح كما أخرجه سعيد بن منصور وعبد بن حميد وليس كما ذكر بعض الفقهاء من أنه مروي عن علي بإسناد منقطع.
أما ابن عباس فالذي يظهر أنه رجع عن هذا القول يحققه أن المنقول عن تلاميذه وفاق الجماعة في ذلك.
كذلك عبد الله ابن مسعود رجع عن قوله أولاً إلى قول الجماعة كما تم ثبته قريبا فإنه قال من شاء باهلته (أي لاعنته) في أن سورة النساء الصغرى نزلت بعد سورة البقرة.
والأمر كذلك عن أبي السنابل فإنه يظهر من مجموع الطرق في قصة سبيعة أنه رجع عن فتواه أولاً [٥٧] .
ولو فرض أن هؤلاء قالوا كلهم بهذا القول ولم يرجع منهم أحد فلا حجة إلا فيما نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير.