للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن جرير: " {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} المعنى وتعلقوا بأسباب الله جميعا، يريد بذلك أن تمسكوا بدينه الذي أمركم به، وعهده الذي عهده إليكم، في كتابه من الألفة والاجتماع على كلمة الحق، والتسليم لأمر الله".

والاعتصام: هو الامتناع بالشيء والاحتماء به، والعصم: هو المنع، فكل مانع شيئا فهو عاصمه، والممتنع به معتصم به، ومن ذلك قول الفرزدق:

أنا ابن العاصمين بني

تميم إذا ما أعظم الحُدْثان نابا

والحبل: هو السبب الذي يُوصل إلى المراد، ولذلك سمي الأمان حبلا، لأنه يوصل إلى زوال الخوف، والنجاة من الفزع والذعر، ومنه قول أعشى بني ثعلبه:

وإذا تُجوِّزها حبال قبيلة

أخذت من الأخرى إليك حبالها

ومن ذلك قول الله تعالى: {إِلا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ} [٢] .

وقد فسر حبل الله بأنه الاجتماع على الحق.

وفسر بأنه القرآن وعهد الله الذي عهده إلى عباده فيه.

وفسر بأنه التوحيد وإخلاص العمل لله تعالى.

روى ابن جرير بسنده إلى ابن مسعود، قال: "حبل الله الجماعة" [٣] .

وروى عن قتادة قال: "حبل الله المتين الذي أمر أن يعتصم به: هذا القرآن".

وكذا قال مجاهد والضحاك وعطاء.

ورُوي عن ابن مسعود، قال: "إن الصراط محتضر، تحضره الشياطين، ينادون: يا عبد الله هلم هذا الطريق، ليصدّوا عن سبيل الله، فاعتصموا بحبل الله فإن حبل الله هو كتابه" [٤] .

وقال مجاهد: "حبل الله عهده وأمره".

وفي مسند الإمام أحمد والترمذي قال: "حسن غريب" عن أبى سعيد قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض" [٥] .

وروى ابن جرير عن أبى العالية: قوله تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً} قال: "الإخلاص لله وحده" [٦] .