للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول: أن الذين انفرد البخاري بالإخراج لهم دون مسلم أربعمائة وبضعة وثلاثون رجلا, المتكلم فيه بالضعف منهم ثمانون رجلا، والذين انفرد مسلم بالإخراج لهم دون البخاري ستمائة وعشرون رجلا المتكلم فيه بالضعف منهم مائة وستون رجلا, ولا شك أن التخريج عمن لم يتكلم فيه أصلا أولى من التخريج عمن تكلم فيه وإن لم يكن ذلك الكلام قادحا.

الثاني والثالث: أن الذين انفرد بهم البخاري ممن تكلم فيه لم يكثر من تخريج أحاديثهم وأن أكثرهم من شيوخه الذين لقيهم وجالسهم وعرف من أحوالهم واطلع على أحاديثهم وميز جيدها من موهومها بخلاف مسلم في الأمرين...

الرابع: أن البخاري اشترط ثبوت التلاقي بين الراوي ومن روى عنه ولو مرة واكتفى مسلم بمجرد المعاصرة وذلك واضح الدلالة على تقديم صحيح البخاري على صحيح مسلم لما فيه من شدة الاحتياط وزيادة التثبت...

الخامس: أن ما انتقد على البخاري من الأحاديث أقل عددا مما انتقد على مسلم ولا شك أن ما قل الانتقاد فيه أرجح مما كثر.

وهذه الوجوه بالإضافة إلى اتفاق العلماء على أن البخاري أعلم بهذا الفن من مسلم وأن مسلما تلميذه وخريجه وكان يشهد له بالتقدم في هذا الفن والإمامة فيه والتفرد بمعرفة ذلك في عصره. وقد أوضح هذه الوجوه وغيرها الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح وفي شرحه لنخبة الفكر...

وهذا الترجيح لصحيح البخاري على صحيح مسلم المراد به ترجيح الجملة على الجملة لا كل فرد من أحاديث الآخر كما أشار إلى ذلك السيوطي في ألفيته بقوله:

وربما يعرض للمفوق ما

يجعله مساويا أو قدما

ومن أمثلة ذلك كما في شرح النخبة للحافظ ابن حجر أن يكون الحديث عند مسلم وهو مشهور قاصر عن درجة التواتر لكن حفته قرينة صار بها يفيد العلم فإنه يقدم على الحديث الذي يخرجه البخاري إذا كان فردا مطلقا...