والنهي عن الغرر أصل عظيم من أصول البيوع يدخل تحته مسائل كثيرة مثل بيع المعدوم وبيع المجهول وبيع ما لا يقدر البائع على تسليمه وبيع ما لم يتم ملك البائع له والأصل في هذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:"نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الحصاة وعن بيع الغرر"رواه مسلم [١٤] . الغرر: الخطر.
والغرر مناط البطلان عند جميع العلماء [١٥] . وهو متحقق في عقود التأمين بشكلٍ ظاهر لا يجادل فيه عاقل, فكل واحد من المتعاقدين لا يدرى كم يعطي ولا كم يأخذ فهو إذا عقد على مجهول فيه مخاطرة عظيمة.
وقد أورد التقنين المدني عقد التأمين ضمن العقود الاحتمالية أو عقود الغرر وبيان ذلك أن المُؤَمن والمُؤَمن له لا يعرفان وقت إبرام العقد مقدار ما يأخذ كل منهما ولا مقدار ما يعطي كل منهما إذ أن ذلك متوقف على وقوع الكارثة أو عدم وقوعها [١٦] .
من هنا نعلم أن وجود الغرر والمخاطرة في عقود التأمين من الأمور الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار بل إن الغرر والمخاطرة فيها أبين وأظهر من مثل صورة بيع الحصاة [١٧] وبيع المنابذة [١٨] وبيع الملامسة [١٩] وغيرها مما ورد فيه النهى الصريح لما فيها من الغرر الظاهر.
ومن الغرر أيضاً في عقد التأمين الجهل بأجل العقد وذلك أن الخطر وهو محل عقد التأمين لا يعلم هل يقع أم لا؟ وإن وقع فلا يعلم متى يقع؟ وعدم العلم بوقوعه ووقت وقوعه من شروط العقد الواجبة في التأمين وهو أن يكون الخطر غير محقق الوقوع وهذا هو العنصر الجوهري في عقد التأمين [٢٠] .. فأي غرر أكثر وأشد مما في هذا العقد..
ومن العجيب أن يغالط بعض المنتسبين إلى الفقه فينازع في أن التأمين من العقود الاحتمالية كما فعل مصطفى الزرقا [٢١] مع وضوحه كما تقدم.
شبه المخالفين في الغرر في عقد التأمين والرد عليها: