والرد على هذا أن الأصل في ضمان خطر الطريق عند من قال به أن المغرور إنما يرجع على الغار إذا حصل الغرور في ضمن المعاوضة أو ضمن الغار صفة السلامة للمغرور [٥٠] ..
والتنظير بين هذا وبين التأمين غير صحيح فشركات التأمين لا تغر الناس ولا تضمن صفة السلامة لمن يتعاقد معها فليس هنا تغرير يشبه التغرير في مسألة ضمان خطر الطريق عند من يقول به وعليه فلا يمكن قياس عقد التأمين على ضمان خطر الطريق.
وهنا فارق جوهري آخر وهو أن ضمان خطر الطريق التزام من طرف واحد فلا يمكن أن يقاس عليه عقد التأمين وهو عقد معاوضة والتزام من الطرفين.
وأخيراً فإن السلامة شأنها شأن الأمان ليست شيئاً يباع ويشترى لأنها ليست في مقدور البشر فالتلويح بها مغالطة ظاهرة.
وأما قول الزرقا:"إن فقهاءنا الذين قرروا هذا الحكم في الكفالة... لو أنهم عاشوا في عصرنا اليوم... لما ترددوا لحظة في إقرار التأمين نظاماً شرعياً "[٥١] . فلا يستطيع أن يقنعنا بصدق قوله إلا أن يعيد أولئك الفقهاء فيصدقوه فيما زعم وليس بقادر، ومن جانبنا لا نظن في أولئك الفقهاء أن يقروا التأمين نظاماً شرعياً وقد تضمن ما يقتضي بطلانه من الغرر والربا.
٤- إلحاق عقود التأمين بولاء الموالاة عند الحنفية:
وصفة هذا الولاء أن الرجل يوالى رجلا آخر على أن يعقل عنه إذا جنى ويرثه إن مات وليس له وارث ويمكن أن يشترطا الإرث من الجانبين وهو عند الحنفية خاصة والإرث به عندهم مؤخر عن أرث ذوى الأرحام ومن شرط هذا العقد عندهم أن يكون المعقول عنه حراً مجهول النسب وأن لا يكون عربياً وليس عليه ولاء عتاقة ولا ولاء مولاة مع أحد قد عقل عنه.
وأن لا يكون عقل عنه بيت المال وأن يشترط العقل والإرث في العقد [٥٢] .