في هذا الصدد يقول الزرقا:"إن نظام العواقل أصله عادة حسنة قائمة قبل الإسلام في توزيع المصيبة المالية ... وقد أقر الشرع الفكرة لما فيها من مصلحة ... وجعلها إلزامية في جناية القتل لأن فيها مسئولية متعدية بسبب التناصر وذلك بعد إخراج حالة العمد منها ... فما المانع من أن يفتح باب لتنظيم هذا التعاون على ترميم الكوارث بجعله ملزماً بطريق التعاقد والإرادة الحرة كما جعله الشرع إلزامياً دون تعاقد في نظام العواقل؟ "[٥٩] .
يقول الزرقا:"يكفي في القياس التشابه بين المقيس والمقيس عليه في نقطة ارتكاز الحكم ومناطه وهي العلة وهذا ما رأيناه في نظام العواقل الإسلامي ونظام التأمين الحديث في بعض فروعه"[٦٠] .
وهذا القياس المزعوم قياس باطل من أساسه لأن نظام العقل في الإسلام إلزام من الشارع لمجموعة من الناس تربطهم رابطة معينة بتحمل ما توجبه جنايات بعضهم وليس التزام منهم باختيارهم بتحمل شيء ما مقابل عوض كما هو الحال فيعقد التأمين فأين وجه الشبه المزعوم؟.
وأيضا فإن نظام العقل في الإسلام مبنى على التناصر والبر بين أفراد عائلة واحدة وله أهداف جليلة وحكمة فأين هو من نظام التأمين المبني على التجارة وطلب الكسب والربح واستغلال الناس؟ ومن أين للزرقاء أن يزعم مع كل ذلك أن نقطة ارتكاز الحكم ومناطه وهى العلة متفقة في النظامين؟.
والخلاصة أنه لا يصح هذا القياس مع وجود هذه الفروق الأساسية في جوهر النظامين.
٧- الاحتجاج بالمصلحة:
وفي هذا يقول عبد الرحمن عيسى:"إن التأمين التجاري يحقق مصالح اقتصادية كبيرة للمجتمع.."وبعد سرد شواهد تدل على اعتبار المصلحة في الشرع يقول: "وقد بينا بوضوح تام أن التأمين يحقق مصالح عامة هامة فيكون حكمه الجواز شرعاً اعتبارًا لما يحققه من المصالح"[٦١] ..