على أن القرآن يحوي بين دفتيه الكثير من العلوم والمعارف المختلفة. قال تعالى:{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} . الأنعام:٣٨ وقال جل شأنه: {َنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ} . النحل:٨٩ وعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "من أراد العلم فعليه بالقرآن فإن فيه خبر الأولين والآخرين"[٤] . وفي ما أخرج البيهقي عن الحسن أنه قال "أنزل الله مائة وأربعة كتب وأودع علومها أربعة منها التوراة والإنجيل والزبور والفرقان، ثم أودع علوم الثلاثة الفرقان"[٥] . إذن فالقرآن العظيم هو الجامع الشامل لكامل الدين. قال تعالى:{شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ... } الشورى: ١٣.
وفي تقديري ... أنه ليس على المؤرخ حرج في أن يستنبط حقائق التاريخ من آيات الله البينات. فالقرآن مأدبة الله، وهو أدسم الموائد قاطبة. ويمكن لكل من أوتى حظا من العلم أن يتناول ما يناسبه من هذه المائدة الدسمة علما بأن فريقا من العلماء قد جوز استعمال بعض آيات القرآن في التصانيف والرسائل والخطب [٦] . والتاريخ علم ويمكن أن نأخذه من القرآن. وعلى حد تعبير الزركشي:"وكل علم من العلوم منتزع من القرآن، وإلا فليس له برهان"[٧] .