وكما أن رسالة الإسلام شاملة لجوانب التنظيم التي تستند إليها المجتمعات الصحيحة وتقوم على أساسها الحياة الإنسانية الكاملة مما ينظم شئون الأفراد والمجتمع والأمة، فإنها عنيت بمطالب الروح والجسَد، ولبت رغبات البطن والعقل والفرج بالقسطاس والعدل على أساس من الحق والخير والتوازن مما يكفل سعادة الإنسان في السلم والحرب [٤٦] ، ومن هنا تنزل القرآن الكريم منجماً، فلكل حادث حديث، فالآية الكريمة:{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ} . سورة الأنفال: ٣٩. "وهي التي حاول بعض الكتاب أن يضع حول معانيها الشبهات". نزلت في شركي مكة والجزيرة العربية- ولكن ماذا نقول اليوم في عالمنا المعاصر عن مذابح المسلمين في فلسطين ولبنان وأفغانستان وإريتريا والفليبين وفطاني؟ وماذا نقول لما يصيب المسلمين في الهند ونيبال والصين وروسيا وجنوب إفريقية؟ بل ماذا نقول لما يصيب المسلمين من اضطهاد في أرض المسلمين نفسها؟ وهل زال الجرح العميق الذي أحدثه أعداء المسلمين في الذاكرة الإسلامية؟ الذي ابتدأ بتدبير المؤامرات لتقويض الدولة الإسلامية من داخلها تلك التي بدأها يهود المدينة ونصاراها بالاشتراك مع المجوس [٤٧]- وبقيت تسير في مسلسلات دامية إلى أن قضى يهود الدونمة على الخلافة العثمانية [٤٨]- والدول الأوروبية الصليبية التي قادت الهجمات الشرسة على المسلمين [٤٩] وتكالبت عليهم وأبادتهم في الأندلس وصقلية وجنوب إيطاليا وسردينيا والبلقان والقرم وشاشان وشركسيا وفنزويلا وقبرص- وهل انتهت هذه الهجمات حتى يزول هذا الجرح الغائر؟! وبماذا نردّ على اللورد ويفل من كبار القواد الإنجليز وساستهم الذي نقل عن إحدى المجلات الإنجليزية صورة رمزية للقائد الإنجليزي للنبي في عودته من الحرب في فلسطين وقد كتب تحتها:"العودة من الحروب الصَليبية". ولأسقف نيويورك الذي أرسل إلى رئيس أساقفة كانتربري