للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعنى أن موسى والخضر ويوشع قالوا لأصحاب السفينة هل تحملوننا؟ فعرفوا الخضر فحملوهم. فجمع الضمير في "كلموهم "على الأصل، وثنّى "يحملوهما"لأنهما المتبوعان، ويوشع تبع لهما. ومثله قوله تعالى: {إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى} [٢٨] فثنى ثم وحد لما ذكرنا.

وقوله: "قومٌ حملونا".

أي هؤلاء قوم، أوهم قوم. فالمبتدأ محذوف. وقوم خبره.

وقوله: "فأخذَ برأسه".

في الباء وجهان أحدهما: هي زائدة، أي أخذ رأسه. والثاني: ليست زائدة، لأنه ليس المعنى أنه تناولت رأسه ابتداء، وإنما المعنى أنه جرّه إليه برأسه ثم اقتلعه. ولو كانت زائدة لم يكن لقوله "اقتلعه"معنى زائد على أخذه.

وقوله: "لَوددْنا لو صبرَ".

"لو" هنا بمعنى "أنْ "الناصبة للفعل [٢٩] ، كقوله تعالى: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ} [٣٠] {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُون} [٣١] . وقد جاء بأنْ لا قوله تعالى: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَه} [٣٢] . و"صبر"بمعنى يصبر، أي وددنا أن يصبر". انتهى كلام أبى البقاء.

قلت: وبقى فيه أشياء منها قوله: "موسى بني إسرائيل":

فيه إضافة العلم وهو"موسى" إلى بني إسرائيل. والقاعدة النحوية أن العلم لا يضاف لاستغنائه بتعريف العلمية عن تعريف الإضافة، إلا أنه جاء إضافة العلم قليلاً في قول الشاعر:

علا زيْدُنا يومَ النَّقا رأسَ زَيْدِكُم [٣٣]

فأوّل على أنه تُخُيّل فيه التنكير لوقوع الاشتراك في مسمَّى هذا اللفظ، وكذا يؤول في هذا الحديث.

قال ابن الحاجب [٣٤] : "شرط الإضافة الحقيقية تجريد المضاف من التعريف".