على أن أبا حيان نفسه قال في استفهام الآية القادمة [٧] وهو: {وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً} قال إن إذا شرطية، وقال السمين [٨] يجوز أن تكون شرطية، وأسلوب الاستفهام في هذه الآية وفي الآية القادمة جاء على نسق واحد، فالقول بشرطية إذا في أحد الاستفهامين ينطبق على الاستفهام الثاني.
تتضمن هذه الآيات الكريمة أن شركي قريش كانوا يشبهون الرسول صلى الله عليه وسلم تشبيهات كثيرة، ويضربون له الأمثال المختلفة، فتارة يقولون هو شاعر، وتارة يقولون هو مجنون، وتارة يقولون هو مسحور ... ولكنهم جميعا بهذه الأمثال التي ضربوها قد جاروا عن قصد السبيل ولم سلكوا سبيل الهدى والإيمان.
وتتضمن أيضا أنهم كانوا يقولون منكرين مستهزئين:{وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً} إن هذا لن يكون، ولكن محمدا يدعيه ويقوله.
ومما تضمنته هذه الآيات أيضا أن الله جل جلاله قال لرسوله صلى الله عليه وسلم قل لهم:"لو صارت عظامكم ورفاتكم شيئا آخر أبعد عن الحياة من العظام والتراب، لو صارت حجارة أو حديدا، لو صارت خلقا آخر غيرهما مما يكبر ويعظم في صدوركم وتظنون أنه أبعد عن قبول الحياة، فلابد لكم من البعث مهما صرتم".