مَن يهده الله تعالىِ فهو المهتدى، ومَن يضلهم الله تعالى فهم الضالون الذين لا يجدون من دونه أنصارًا يحمونهم من عقابه وعذابه.
وسوف يحشر الله تعالى هؤلاء الضالين يُسحبون على وجوههم إذلالاً وهوانًا، عُمياً يسيرون على غير هدى ولا يرون طريقا ولا غير طريق مما قد يُسرِّى وشرّ، بُكماً لا ينطقون بما ينفعهم أو يكون لهم حجة، صُمَّا لا يسمعون شيئا يخفّف عنهم ما هم فيه من خوف وقلق وذهول ورعب وفزع.
ولكن إلى أين يحشرون؟! إلى جهنم، فهي مأواهم، وهم وقودها، كلما أحرقتهم فخبت بدّلوا خلقا جديدا فازدادت لهيبا وسعيرا ليذوقوا عذابا أشدّ وحسرة أوجع.
تلك الحال المهينة المذلة التي حشرهم الله عليها، وجهنم هذه التي كانت هي المأوى، وهذا العذاب الدائم الذي يعذبونه، ذلك كله كان جزاء كفرهم بآيات الله، وجزاء كفرهم بقدرته عزّ وجلّ على إحيائهم مرة ثانية بعد أن يصيروا في قبورهم عظاما وترابا، فقد أنكروا قدرة الله تعالى على بعثهم، وعميت قلوبهم فلم تدرك أن الله الذي خلق السماوات وما فيها والأرض ومن عليها قادر على أن يعيدهم كما خلقهم أول مرة.
لقد جعل الله تعالى لبعث هؤلاء المنكرين المكذبين أجلا مقدّرا وموعدا محدّدا لا ريب فيه ولا يعلمه إلا الله، ولكن هؤلاء الظالمين الذين حادوا عن طريق الحق والإيمان بالبعث أبوا مع ظهور الأدلة وقيام الحجج إلا جحودا لهذا البعث وكفرًا بآيات الله.
وقد أفاد هذا الاستفهام الذي قاله المشركون:{وَقَالُوا أَإِذَا كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً} أفاد الإنكار والتكذيب والاستبعاد والسخرية والتعجب، لقد أنكروا أن يبعثوا بعد موت، وكذبوا به تكذيبا، ولقد استبعدوه ساخرين متعجبين من أن يكون.