للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما "الصرف"فقد أغفل قدراً كبيراً من "تصريف الأفعال"، فضلاً عن التقاء الساكنين وتخفيف الهمزة؛ فلم يتحدث عن "الجامد والمتصرف"، ولا عن "الصحيح والمعتل"، ولا عن "إسناد الأفعال إلى الضمائر"؛ اعتماداً على منظومته "لاميّة الأفعال". ولنجاح ابن مالك في منهجه بحرصه على تيسير العربية، لغة القرآن، أقبل العلماء والمتعلمون على ألفيته - من بين كتبه بنوع خاص - إقبالاً منقطع النظير، وعكف عليها المتخصصون في جميع الأزمان والأمصار، يدرسونها، ويعلقون عليها نظماً أو نثراً بالعربية وبغيرها، حتى طُويت مصنّفات من قبله من أئمة النحو، ولم ينتفع من جاء بعده بمحاكاته، أو الانتقاص منه. ولو لم يشر في ألفيته إلى ألفية الإِمام العلاّمة زين الدين يحي بن عبد النور الزواوي الجزائري المعروف ب "ابن معطى"المتوفى سنة ٦٢٧ هـ "ذكره الناسُ، ولا عرفوه [٧] .

فابن معطى، لم ينتفع في منظومته "الدُّرَّة الألفية في علم العربية"بسبقه الزمني، ولا بتقدمه المنهجي، على الرغم من إقرار ابن مالك بفضله، واعترافه بعلمه.

وأبو حيان النحوي، المتوفي سنة ٧٤٥ هـ، لم ينتفع بمنظومته "نهاية الإعراب في علمي التصريف والإعراب"على الرغم من حملته الضارية على ابن مالك، وألفَيته [٨] .

وجلال الدين السيوطى المتوفي سنة ٩١١ هـ، لم ينتفع بقوله في مطلع ألفيته:

أقول بعد الحمد والسلام

على النبيِّ أفِصح الأنامِ

النَّحُو خَيْرُ ما به المرء عُنِي

إذْ ليس علمٌ عنه حقَّا يغتني

وهذه ألفيةٌ فيها حَوَتْ

أصولَه، ونفعَ طُلاَب نَوَتْ

فائقةً ألفيّة ابْنِ مالِك

لكونها واضحة المسالك

وجَمْعِها من الأصول ما خلتْ

عنه، وضَبْطِ مُرسَلات أهمِلتْ

ترتيبُها لم يَحْو غيري صنْعهْ