ثم يوجه الله سبحانه عباده تأكيدا لما سبق من معاني بهذا الخصوص بقوله جل من قائل:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} .
وهذه الاستقامة استقامة جماعية أيضا مطلوبة من جميع المسلمين بأن يتمسكوا بتعاليم الإسلام ويثبتوا عليها، لأنها جماع الأخلاق الكريمة، وفيها ضمان صلاح الدنيا وحسن ثواب الآخرة.
فالاستقامة في حقيقتها تعني الثبات على السلوك السوي والطريق المستقيم حتى قيل عنها في الأمثال الدارجة:(الاستقامة عين الكرامة) .
ومرد هذا السلوك المستقيم في التعامل الاقتصادي أمر لا مراء فيه، لأن المجتمع المسلم يحرص على استقامة أفراده وحسن سلوكهم.
ونستطيع أن نعيد إلى الأذهان إقبال الناس على اعتناق الإسلام في البلاد التي لم تصل إليها جيوش المسلمين، وإنما وصلت إليها نماذج من أفراد المسلمين في أهم حقل اقتصادي وهو التجارة.
فكان من سلوك هؤلاء التجار المسلمين واستقامتهم أن حمل أمما عديدة علىاعتناق الإسلام والدخول في دين الله أفواجا.
والتجارة من الأمور المادية التي تقوم على طلب الربح، فهي مختبر عملي لكشف أخلاق التجار، وقد أثبت التجار المسلمون أنهم دعاة الإسلام بما كانوا يتخلقون به من أخلاق الإسلام حتى رغب الناس في اعتناق دينهم حبا في أخلاقهم وحسن معاملتهم.
خامسا ـ التقوى:
كلمة التقوى كلمة كثر ورودها في القرآن العظيم في مواضيع عديدة ومختلفة، وإننا إذا تتبعنا هذه الكلمة وما يتفرع عنها، وتحققنا من الأغراض التي تقصد إليها لوجدناها الرباط الذي يعقل النفوس عن أن تنطلق حسب رغباتها ووفق هواها، فهي قيد وثيق محكم لا يستطيع المؤمن أن يتفلت منه إذا كان يخشى الله ويتقيه.