وقال الشاطبي- بعد ذكره أن وجوه البدعة لا تنحصر:-"لكن نذكر من ذلك أوجهاً كلية يقاس عليها ما سواها. فمنها اعتمادهم على الأحاديث الواهية الضعيفة، والمكذوب فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي لا يقبلها أهل صناعة الحديث في البناء عليها: كحديث الإكتمال يوم عاشوراء وإكرام الديك الأبيض، وأكل الباذنجان بنية وأن النبي صلى الله عليه وسلم تواجد واهتز عند السماع حتى سقط الرداء عن منكبيه وما أشبه ذلك. أمثال هذه الأحاديث على ما هو معلوم [لا يبنى عليها حكم، ولا تجعل أصلاً في التشريع أبداً، ومن جعلها كذلك فهو] جاهل ومخطئ في نقل العلم. فلم ينقل الأخذ بشيء منها عمن يعتد به في طريقة العلم، ولا طريقة السلوك. وإنما أخذ بعض العلماء بالحديث الحسن لإلحاقه عند المحدثين بالصحيح لأن سنده ليس فيه من يعاب بجرحة متفق عليها. وكذلك أخذ من أخذ منهم بالمرسل ليس إلا من حيث ألحق بالصحيح في أن المتروك ذكره كالمذكور والمعدل، فأما من دون ذلك فلا يؤخذ به بحال عند علماء الحديث".
وقال الشيخ محمد محي الدين عبد الحميد في هامش توضيح الأفكار:"وفضائل الأعمال لا تخلو عن حكم أهونه الإباحة، وأي فرق بين حكم وحكم، ما دام معنى حكم المجتهد على شيء من الأشياء بحكم من الأحكام يتضمن حكماً ضمنياً على الله تعالى وعلى رسول الله صلوات الله وسلامه عليه بأنه يقتضي في هذا الموضوع بما يذهب إليه المجتهد، والذي ينقدح في ذهن العبد الضعيف أن الخلاف في هذه المسألة من نوع الخلاف اللفظي، وأن الجميع متفقون على أن لا يؤخذ في الفضائل والمواعظ إلا بالحديث الحسن وهو ما دون الصحيح في ضبط رواته فمن قال من العلماء كأحمد وابن مهدي يؤخذ بالحديث الضعيف في الفضائل أراد بالضعيف الحسن لأنه ضعيف بالنظر إلى الصحيح ولأنه بعض الذي كانوا هم وأهل عصرهم يطلقون عليه اسم الضعيف".