وقد يجتمع في الجملة أكثر من رابط. ألا ترى أن جملة الحال قد تربط بالواو والضمير معاً؟ ففي قوله تعالى:{لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ} الجملة الحالية ربطت بالواو والضمير معاً. وجملة جواب الشرط قد تربط بالفاء والضمير معاً. اقرأ قول الله تعالى:{فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ} . فجملة فإني أعذبه وقعت جواباً للشرط وفيها الربط بالضمير الذي يعود على المبتدأ كما أن في الجواب رابطاً آخر هو الفاء.
وجملة جواب الشرط قد تجتمع فيها بالفاء وإذا رابطتين لتأكيد وتقوية الربط ففي قوله تعالى:{فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ربطت جملة الجواب بالفاء وإذا.
والربط في الأسلوب العربي ليس مقصوراً على هذه الروابط اللفظية. إذ الجملة قد تخلو منه إلا أن ارتباطها بما قبلها موجود وقائم حتى لا يصبح التركيب مبتوراً وغير مترابط فقد تكون الجملة الثانية مؤكدة، أو مفصلة أو معللة ...
وشاعرنا العربي عندما بنى قصيدته فإن أبياتها لم تكن مجرد سرد بيت تلو آخر، وإنما تحكمت فيه العاطفة ممزوجة بالفكرة فجاءت الأبيات مرتبطاً بعضها ببعض حتى أصبحت القصيدة بناءً كاملاً مترابطاً. فالبيت قد يربط بسابقه بعلاقة التوكيد أو التعليل أو الإجابة عن تساؤل أو ... ومما يدلنا على أن الشعراء كانوا يراعون الترابط في القصيدة الواحدة قول أحدهم للآخر: أنا أشعر منك فقيل له وكيف؟ فقال: لأني أقول البيت وأخاه وأنت تقول البيت وابن عمه. وهذا النوع من الروابط له مجاله ومباحثه لأن هذا البحث قد دار حول الرابط اللفظي الذي كثر دورانه على ألسنة النحاة.