للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو البقاء: الوجه أن يقال (ثلاثة) ، لأن الأشياء المذكورة مذكرات كلها، ولذلك قال: "فيرجع اثنان ويبقى واحدا"فذكرّ. والأشبه أنه من تغيير الرواة من هذا الطريق. ويحتمل أن يكون الوجه فيه ثلاث عُلَق، والواحدة عُلْقة، لأن كلاًّ من هذه المذكورات علقة، ثم إنّه ذكرّ بعد ذلك حملاً على اللفظ بعد أن حمل الأوّل على المعنى. ومنه قوله تعالى: {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً} (١) بتأنيث الأول وتذكير الثاني.

قلت: رواه البُخاري ومسلم والترمذي والنسائي بلفظ (ثلاثة) ، وكذا هو في النسخة التي عندي من المسند.

٧١ - حديث "لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُم حتّى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لِنَفْسِه".

قال الحافظ ابن حجر: " (يحبَّ) بالنصب، لأن (حتى) جارة، فأَنْ بعدها مضمرة، ولا يجوز الرفع على أن (حتى) عاطفة، لأن المعنى غير صحيح، إذ عدم الإيمان ليس سبباً للمحبّة".

٧٢ - حديث "سألتُ الله عز وجل أَيّما إنسانٍ مِنْ أُمّتي دَعَوْتُ عليه أن يَجْعلَها له مغفرة".

قال أبو البقاء: " (أيّما) يجوز النصب على معنى سببته، وما بعده تفسيرٌ له، والرفع على الابتداء وما بعده خبر".

٧٣ - حديث "كان يَدْخُلُ الخَلاء".

قال ابن الحاجب وغيره (٢) هو منصوب على الظرفية، لأن (دخل) من الأفعال اللازمة، بدليل أن مصدره على فُعول، وما كان مصدره على فُعول فهو لازم. ولأنه نقيض خرج، وهو لازم فيكون هو أيضاً كذلك.


(١) سورة الأحزاب: آية ٣١- قال العكبري {ومن يقنت} يقرأ بالياء حملاً على لفظ مَنْ، وبالتاء على معناها ومثله {وتعمل صالحاً} . ومنهم من قرأ الأولى بالتاء والثانية بالياء. انظر: إملاء ما منّ به الرحمن ٢/١٩٢.
(٢) قال الرضي: اعلم أن دخلت وسكنت ونزلت تنصب على الظرفية كل مكان دخلت عليه، مبهماً كان أولا، نحو: دخلت الدار...انظر شرح الكافية ١/١٨٦.