للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و {جَعَلَ} إذا كانت بمعنى صيّر أخذت مفعولين، فيكون الليل هو المفعول الأول، و {سَرْمَدا} هو المفعول الثاني، وإذا كانت بمعنى خلق وأنشأ أخذت مفعولا به واحدا هو الليل، ويكون {سَرْمَدا} حالا منه. وجواب الشرط (إن جعل) محذوف دلّ عليه {أَرَأَيْتُمْ} ومعمولها، والتقدير: إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة فأخبروني عنه مَنْ إله غير الله يأتيكم بضياء بعده. وإعراب {مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاء} : (مَنْ) اسم استفهام في محل رفع مبتدأ، و {إِلَهٌ} خبره، و {غَيْرُ اللَّهِ} صفة أولى لإِله، وجملة {يَأْتِيكُمْ بِضِيَاء} في محل رفع صفة ثانية لإِله. وقد سبق أن هذه الجملة الاستفهامية كلها في محل نصب مفعول ثان لـ {أَرَأَيْتُمْ} .

واستفهام {أَرَأَيْتُمْ} في هذه الآية الكريمة يفيد التوبيخ: توبيخ المشركين على عبادتهم غير الله وتركهم عبادة الله الذي يعلمون أنه هو الذي يأتيهم بالضياء بعد الليل ليبتغوا فيه من فضله.

ويفيد أيضا التنبيه: تنبيه المشركين على أن الله وحده هو الذي يقدر على أن يأتي بالنهار بعد الليل ليبتغوا فيه من فضله، وأن أصنامهم التي يعبدونها من دون الله لا تقدر على ذلك. فعليهم أن يسمعوا آية الله هذه وأن يتدبروها فينصرفوا عن عبادة الأصنام، ويجعلوا عبادتهم خالصة لله الذي أنعم عليهم بهذه النعمة العظمى.

الآية التاسعة: قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ} الآية (٧٢) سورة القصص.

في هذه الآية الكريمة يأمر الله سبحانه وتعالى رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين ما يتضمن: