للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و {أَرَأَيْتُمْ} هنا بمعنى أخبروني، والمستخبر عنه واللات والعزى ومناة، ومتعلق الاستخبار، ومناطه هو الجملة الاستفهامية: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى} ، والمعنى:

أخبروني- أيها المشركون- عن هذه الأصنام الثلاثة، كيف جعلتموهن بنات الله، والبنات في زعمكم معرّة وذم، ثم خصصتم أنفسكم بالنوع الأفضل فيما تزعمون وهم الذكور، والله سبحانه وتعالى منزّه عن الولد ذكراً كان أم أنثى؟!!

إن هذه القسمة لو كانت بينكم وبين مخلوقين أمثالكم لكانت قسمة جائرة فيها ظلم وسفاهة، فكيف وقد جعلتموها بينكم وبن ربكم ذي الجلال والإِكرام؟!

أما إعراب {أَرَأَيْتُمْ} فهي علمية تأخذ مفعولين: الأول: اللات وما عطف عليها، الثاني: الجملة الاستفهامية: {أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الأُنْثَى} - وهذا رأي أبي حيان في تفسيره البحر المحيط، والرابط الذي يربط المفعول الثاني بالأول قوله: {الأُنْثَى} لأن المعنى: ألكم الذكر وله هنَّ أي تلك الأصنام، فأغنى هذا الاسم الظاهر عن الضمير، وإنما أوثر هذا الاسم الظاهر لوقوعه رأس فاصلة روعي فيها الفواصل الأخرى.

وهناك آراء أخرى كثيرة في تقدير المفعول الثاني المحذوف ذكرها الألوسي في تفسير روح المعاني، ولكن هذه الرسالة لا تتسع لذكرها.

واستفهام {أَرَأَيْتُمْ} هنا جاء مفيدا الإنكار والتوبيخ:

فالله سبحانه وتعالى ينكر على المشركين ويوبخهم أن يجعلوا اللات والعزى ومناة بنات الله، مع أن البنات في زعمهم مذمومات يستنكفون منهن، فكيف يخصون الله خالقهم بهن، ويخصون أنفسهم بمن هم أفضل في زعمهم وهم الذكور، مع أن الله سبحانه وتعالى منزه عن الولد سواء أكان ذكرا أم أنثى.