و {أَرَأَيْتُمْ} هنا بمعنى أخبروني، والمستخبر عنه محذوف، ومتعلق الاستخبار ومناطه الجملة الاستفهامية:{فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} . والتقدير: أخبروني عن مائكم- إن أصبح غائرا في جوف الأرض- من غير الله يستطيع أن يأتيكم بماء ظاهر تراه العيون ومنه تشربون.
أما إعراب {أَرَأَيْتُمْ} فهي علمية تنصب مفعولين: الأول ضمير محذوف يعود على َ {مَاؤُكُمْ} وتكون المسألة من باب التنازع: تنازع {أَرَأَيْتُمْ} و {أَصْبَحَ} في َ {مَاؤُكُمْ} فأرأيتم تطلبه على أنه مفعول به، وأصبح تطلبه على أنه اسم لها، فأعمل الثاني وأضمر في الأول وحذف. وأما المفعول الثاني لـ {أرأيتم} فجملة استفهامية محذوفة دلّ عليها جملة جواب الشرط: {فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ} . وتقدير المفعولين: أرأيتم ماءكم (إن أصبح غائرا) أيستطيع أحد غير الله أن يأتيكم ببدل منه.
وقد جاء استفهام {أَرَأَيْتُمْ} هنا مفيدا التنبيه والتوبيخ:
تنبيه المشركين على أن الله تعالى هو وحده الذي يأتيهم بالماء الذي منه يشربون ويحيون، وأن الأصنام لا تستطيع ذلك، فكان عليهم أن يؤمنوا بالله تعالى وأن يفردوه بالعبادة.
وتوبيخ هؤلاء المشركين على تركهم عبادة الله الذي يأتيهم بالماء الذي منه يشربون ويحيون، وتوبيخهم على عبادتهم أصناما لا تستطيع أن تأتيهم بالماء إن أصبح ماؤهم غورا.
أختي العزيزة:
أرى رسالتي إليك قد طالت، وما كان لي يد في أن تطول، لقد آن لها أن تنتهي، وسوف أحدثك- إن شاء الله تعالى- عن بقية أساليب (أرأيت) في الرسالة التالية، وعن خصائص ومزايا جاءت في هذه الأساليب.
اللهم سدّد خطاي، ووفقني إلى الصواب، فعليك أتوكل، وبك أستعين.