للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

انتثر ملك الخلافة بالمغرب (١) ، وانقسم إلى إمارات صغيرة متفرقة، فقد أقام المعزّ بن باديس سنة ٤٤٠ هـ الدعوة للقائم بالله الخليفة العباسي وخلع طاعة المستنصر العبيدي، (وكان قبل ذلك يسب بني عبيد سرّاً) ، فبعث المستنصر القبائل العربية من بني هلال ورياح وزغبة لمحاربته، فكانت الحروب الهائلة بين ابن باديس والعرب الذين دخلوا القيروان (٢) . وكثر المتغلّبون على الشمال الأفريقي بأجمعه، فاستولى بنو هلال على المناطق الممتدة في الداخل من قابس إلى المغرب، وظل بنو زيري يحتفظون بالمهدية وما يليها، واستقر أمر بني حماد في بجاية، واستقل حمو بن ومليل البرغواطي في صفاقس بعد أن حالف العرب، واستقل ابن خراسان بتونس سنة ٤٥٨ هـ، واستقل موسى بن يحيى بفاس، وحاكم قفصة الزيري بعد أن استعان بالعرب مقابل جزية سنوية (٣) .

كما تعرض الشمال الأفريقي لغارات النورمان يدفعهم الحقد الصليبي، فقد تملكوا صقلية من المسلمين بقيادة رجار سنة ٤٦٤ هـ (٤) ، ماعدا مدينتي قصريانه وجرجنت، اللتين حاصروها حصاراً شديداً، واستسلمت جرجنت سنة ٤٨١ هـ، وتبعتها قصريانه سنة ٤٨٤ هـ (٥) . وشجع البابا فكتور الثالث على تكوين طائفة من رجال البحر من بيزه وجنوة للإغارة على السواحل الإسلامية الأفريقية، فهاجموا مدينة المهدية وزويلة، وعادوا بعدد عظَيم من أسارى المسلمين رَجالاً ونساء (٦) وبمبلغ عظيم من الذهب والفضة مقابل رحيلهم وذلك سنة ٤٨٠ هـ


(١) نفح الطيب جـ ١ ص ٤١٣.
(٢) المؤنس في أخبار إفريقية وتونس ص٨٤- ٨٥/ ابن خلدون جـ٦ ص ٢٨٨.
(٣) المغرب الكبير- السيد عبد العزيز- ص ٦٧٣.
(٤) ابن خلدون جـ٤ ص٤٥٠/ المؤنس ص ٨٩.
(٥) الكامل في التاريخ جـ ٨ ص ١٥٧.
(٦) ابن خلدون جـ ٦ ص ٣٢٨.