وابن حيان:(أبو مروان حيان بن خلف الأموي مولاهم)(١) ، الذي علّق على أحداث الأندلس، وبشكل خاص نكبة بربشتر عام ٤٥٦هـ، وعلّل أسبابها، وأنحى باللائمة على النّاس والحكّام بما ارتكبوا في جنب الله من ذنوب إهمالهم، بتقصيرهم في الأخذ بالشريعة، وتهاونهم في تنفيذ أوامرها، مما جرّهم إلى حالة الفرقة وأذهبت قوّتهم فقد "أركستهم الذنوب، ووصمتهم العيوب، فليسوا في سبيل الرشد بأتقياء، ولا على معاني الغيّ بأقوياء، نشء من النّاس هامل، يعلّلون نفوسهم، من أوّل الدّلائل على فرط جهلهم بشأنهم وإغزارهم بزمانهم، وبعادهم عن طاعة خالقهم، ورفضهم وصيّة رسوله نبيّهم عليه الصلاة والسلام، وهووهم عن النّظر في عاقبة أمرهم، وغفلتهم عن سدّ ثغرهم، حتى لظلّ عدوّهم السّاعي لإطفاء نورهم، يتبجّح عراض ديارهم، ويستقري بسائط بقاعهم، يقطع كل يوم طرفاً منهم وسرامة، ومن لدينا وحوالينا من أهل كلمتنا صموت عن ذكرهم، لهات عن لبهمّ، ما أن يسمع عندنا في مسجد من مساجدنا، ومحفل من محافلنا، مذكّر بهم أو داع لهم، فضلاً عن نافر إليهم أو مواس لهم، حتى كأن ليسوا منّا، وكأن فتقهم ليس بمفض إلينا، قد بخلنا عليهم بالدّعاء بخلنا بالفناء، عجائب مغربة فاتت التّقدير، وعرضت للتّغيير، ولله عاقبة الأمور واليه المصير".
وقد أوقع ابن حيّان نصيباً كبيراً لهذه الأحوال على أمراء السوء في دول الطّوائف، الذين انحرفوا عن نهج الإسلام، ملوّماً الناس لركونهم إلى أمثال هؤلاء الأمراء.