للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم تحوّل الأمر بعد استئساد النّصارى على المسلمين وزلزلة طليطلة، فأصبحت الدّعوة للعبور رسميّة، فاتّفقت الأندلس كلّها على ذلك أمراؤها وفقهاؤها وعامّتها (١) . وكان ملوك الطوائف يكرهون إلمام يوسف بجزيرتهم (٢) ولكنّهم أمام ضغط النّصارى وتنكّر الفونسو لهم، وخضوعاً للرّأي العامّ الإسلاميّ، استغاثوا بأمير المسلمين، فَعُقِد اجتماع في قرطبة حضره الزعماء والفقهاء وكثير من اَلنّاس، وعلى رأسهم المعتمد بن عباد، اتّخذ فيه قرار الموافقة على استدعاء المرابطين للنّصرة، ثم دعا المعتمد غيره من ملوك الطوائف إلى هذا الأمر، واجتمعوا بالفعل لاتّخاذ ترتيبات عبور وفد إلى العدوة ودعوة الأمير يوسف، وكتبت رسالة بهذا الشأن وقّعها أمراء الأندلس، وأُرسلت من الأندلس مع سفارة خاصّة وتحت إشراف ابن عبّاد، وحملت السفارة التّحف الثّمينة والوعود المغرية للاستغاثة (٣) مع الرّسالة. وقد ضمّ الوفد: عبيد الله بن أدهم قاضي قرطبة، وكان أعقل أهل زمانه، ووزير المعتمد أبا بكر بن زيدون، وقاضي المتوكل على الله عمر بن الأفطس أمير بطليوس، وقاضي عبد الله ابن حبوس بن ماكسن الصنهاجي صاحب غرناطة (٤) . والتقى الوفد بأمير المسلمين في سبتة، فلبىّ النّداء وقال: "أنا أوّل منتدب لنصرة هذا الدين، ولا يتولى هذا الأمر أحد إلا بنفسي".


(١) دول الطوائف ص ٣١٧.
(٢) نفح الطيب جـ٤ ص ٣٥٤.
(٣) التواتي - مأساة انهيار الوجود العربي بالأندلس ص ٢٨٧.
(٤) الروض المعطار ص ٨٦/ انظر: الحجي- تاريخ الأندلس ص ٣٢١.