جمع يوسف بن تاشفن مجلس شوراه من الفقهاء والأعيان والقادة، واستشارهم في نجدة الأندلس، فأشار عليه كاتبه عبد الرحمن بن أسبط من أهل المريّة، وأوضح له أن معظم أراضي الجزيرة في يد النّصارى، والجزيرة ذاتها وعرة البسائط، تعترضها جبال صعبة المسالك، وهي شبيهة بسجن، يندر على الداخلين إليه الخروج منه.. وقال:"فإذا انتصر عليك الأعداء، فقد يقطع عليك طريق العودة بأيسر أمر". وأضاف:"فنصيحتي أن تُخْطِرَ أمير اشبيلية بأنك لا تستطيع العبور قبل إخلاء حصن الجزيرة، وبذلك تملك موقعاً أمينْاً، تشغله حامية مخلصة، وتبقى في كلِّ وقت على اتّصال دائم بإفريقية". وهذا دليل على الشكّ في نيّة أمراء الطّوائف، فقد عرف عنهم الغدر وعدم التقيّد بالعهود، فاشترط الأمير يوسف تسليم ثغر الجزيرة لضمان سلامة طريقه في الذّهاب وحماية ظهره في الإياب، فوافق المعتمد على ذلك.
الإِعداد للجهاد:
كان ابن تاشفين على استعداد للعبور إلى الأندلس قبل استنجاد ملوك الطّوائف، فجاء الفرصة السّانحة، فاستنفر قواته للجهاد، فاجتمع له نحو من سبعة آلاف فارس، في عدد كثير من الرّجل، وأقبل من بقي من جنده في مدينة مراكش حتى تكامل العدد، وكان قد أعدّ أسطولاً يتألف من مائة سفينة وعدداً من المراكب ليعبر فيها (١) .