قال العلماء قد يسأل سائل فيقول: قال الله تعالىِ: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ ... } الآيات. وعندما نتأمل الآيات نجد عدداً من الأوامر اندرج تحت قوله:(ما حرم) كالإحسان إلى الوالدين، والوفاء في الكيل والميزان، والعدل في القول، والوفاء بالعهد، وإتباع شرع الله وهذه الأشياء مأمور بها وليس منهياً عنها فبم يوجه هذا؟.
والقول في جواب هذا أن أهل العلم لم يغفلوا عن هذا الإشكال من حيث الظاهر وأجابوا بأجوبة عديدة منها:
١- قوله تعالى:{حَرَّمَ رَبُّكُمْ} معناه وصاكم به ربكم فضمن حرَّم معنى وصّى، ويؤيد هذا الفهم ما جاء في آخر الآية قال تعالى:{ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِه} فالتحريم هنا مضمن معنى الوصية، وإذا نظرت في المعنى تجد أن الوصية فيه أعم من التحِريم. فكل تحريم وصية من الله عز وجل إلى عباده، وليس كل وصية تحريما، لأنها تكون بتحريم وبتحليل، وبوجوب وندب، وليس أمراً غريباً أن يراد بالتحريم الوصية، ومن الأساليب عند العرب ذكر اللفظ الخاص وإدارة العموم، أو العكس فتذكر اللفظ العام وتريد به الخاص وبناء على ما تقرر فإن تقدير الكلام: قل تعالوا أتل ما وصاكم به ربكم، ثم حصل إبدال قوله تعالى:{أَلاَّ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً} منه. وذلك على وجه البيان والتفسير. أي وصاكم أن لا تشركوا به شيئاً ووصاكم بالإحسان إلى الوالدين... الخ. فجمعت الوصية ترك المحرمات وفعل المأمورات. وهذا التوجيه في نظري حسن جداً [٥٧] .