حدثنا محمد بن عبد الأعلى [٥٧] قال: حدثنا محمد بن ثور [٥٨] ، عن معمر [٥٩] قال: "قال الحسن: عنى بها ذرية آدم من أشرك منهم بعده".
حدثنا بشر بن معاذ [٦٠] قال: حدثنا يزيد [٦١] قال: حدثنا سعيد [٦٢] ، عن قتادة [٦٣] قال: "كان الحسن يقول: هم اليهود والنصارى، رزقهم الله أولاداً فهودوا ونصروا"[٦٤] .
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن رضي الله عنه، أنه فسر الآية بذلك، وهو منِ أحسن التفاسير، وأولى ما حملت عليه الآية، ولو كان هذا الحديث [٦٥] عنده محفوظا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عدل عنه هو ولا غيره، ولاسيما مع تقواه لله وورعه، فهذا يدل على أنه موقوف على الصحابي [٦٦] ، ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب، من آمن منهم، مثل كعب [٦٧] أو وهب بن منبه وغيرهما [٦٨] .
وقد علم مما سبق أن الأثر المروي فيِ تفسير الآية لا يصح الاحتجاج به [٦٩] وقد ذكره صاحب تيسير العزيز الحميد [٧٠] تفسيرا للآية فلا يصار إليه والحق في ذلك ما ثبت عن الحسن نفسه كما تقدم بيانه. والآية تدل على تحريم اتخاذ الشركاء. ولم يسلم من هذا بعض المسلمين اليوم. فما أكثر من سمى عبد الولي وعبد الرسول وغير ذلك. وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر من حديث أنه غير بعض أسماء أصحابه التي تشعر بالعبودية لغير الله عز وجل أوفيها قبح، وفيما تقدم ذكر صور وأشكال للشرك حرمها الشرع فيجب على المسلم أن يحذرها وأن يحذر منها وعند تدقيق النظر فيما سلف يتبين أن المشركين طوائف كثيرة وكثيرة جداً، تعددت بتعدد الأسباب والوسائل المؤدية إلى ذلك وقد ذكر الفخر الرازي رحمه الله أربع طوائف منهم: