٢- شبه العمد: هو أن يقصد شخص ضرب آخر بما لا يقتل غالباً، إما لقصد العدوان عليه، أو لقصد التأديب له فيسرف فيه، ويتجاوز الحد المعقول في ذلك، كالضرب بالسوط، والعصا، والحجر الصغير ونحو ذلك.
وهذا القسم ثبت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد ذكرنا آنفاً حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"ألا إن دية الخطأ شبه العمد، ما كان بالسوط، والعصا، مائة من الإبل، منها أربعون في بطونها أولادها"[٤١] . وقد قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أخرج الإمام البَخاري بسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:"اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى أن دية جنينها غرة، عبد أو وليدة، وقضى أن دية المرأة على العاقلة"[٤٢] . فاعتبره صلى الله عليه وسلم شبه عمد إذ أوجب الدية على العاقلة، ولو اعتبره عمداً لما حملت العاقلة الدية، لأنها لا تحمل العمد. وقال أبو داود: حدثنا محمد بن يحي بن فارس [٤٣] ، حدثنا محمد بن بكار بن بلال العاملي [٤٤] ، أخبرنا محمد- يعنى ابن راشد [٤٥]- عن سليمان- يعني ابن موسى [٤٦]- عن عمر وبن شعيب [٤٧] ، عن أبيه [٤٨] ، عن جده [٤٩] ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"عقل شبه العمد مغلظ، مثل عقل العمد، ولا يقتل صاحبه"[٥٠] . فهذه نصوص من السنة صحيحة تثبت شبه العمد، خلافاًَ لما نقل عن الإمام مالك رحمه الله.
٣- الخطأ: هو أنٍ يفعل الشخص فعلاً لا يريد به الاعتداء علىِ أحد من البشرِ فيخطئ هدفه ويصيب إنساناً فيقتله، مثاله. أن يرمي صيداً فيصيب إنساناًَ، أو يلقي شيئاًَ فيقع على مارٍ، أو يقود سيارة فيعترضه شخص فيدهسه ونحو ذلك.