للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولو قام رجال عقلاء صالحون بتغيير هذه العادة ورد النساء إلى ما كن عليه في زمان النبي صلى الله عليه وسلم - وهو ما عليه نساء القرى والبوادي في البلاد الإسلامية بأسرها من أول ظهور الإسلام إلى اليوم - مع أدب غض البصر ونحوه لوجب أن يصغى لإصلاحهم وأن يعانوا عليه، ولكن أكثر الذين يدعون إلى ما يسمونه: تحرير المرأة وإعطاءها حقوقها ليس لهم في قلوب الأمة ثقة ولا مكانة، ولا تطمئن إليهم النفوس، وما لهم أخلاق ولا غيرة على الدين والعرض، والجمهور لذلك متهمهم بأن لهم في دعوتهم مآرب أخرى كمآرب الذئب في رعي الحملان. وهؤلاء لا يشكون في أن النساء وإن كن قد أصابهن بالغلو في الحجاب شر عظيم، فإن الشر الذي أصابهن وسيصيبهن بالتبرج والتهتك ليس له حدود، وهو مبني على شفا جرف هار أعظم بكثير من ذلك. فقضية إصلاح حال النساء لم يعالجها طبيب ولا راق، بل صارت بين حزبين مفْرطين ومفَرِّطين، ونحن علم الله لو رأيناكم - يا دعاة تحرير المرأة - داعين إلى إصلاح النساء دعوة مبنية على أساس متين من العقل والحكمة وتوخي صلاحهن وسعادتهن، وأن يصرن أمهات كاملات الأمومة ينتجن إناثا صالحات، وذكوراً صالحين، ويملأن بيوتهن سعادة، لو رأيناكم كذلك لآزرناكم وتعاونا معكم، ولكنا رأينا فيكم الطيش، وسوء النية، والتغرير بالفتيات الغافلات، ومخادعتهن على عفافهن، وتزيين الموبقات لهن, وتصيدهن بكل حيلة، وقعودكم لهن كل سبيل مما لا يفعله العدو بعدوه, فرأينا أن جمود الجامدين أخف ضررا مما تدعون إليه.

وأما قولكم: إنكم في هذه المخادعة ونصب الحبائل التي تصيب البيوتات بالدمار والخراب تقتدون بأهل أوربة.. فهو من العجب العجاب! فقد تقدم أن أهل أوربة لم يصنعوا ذلك بأيديهم وإنما هو صنع أجيال مضت، بل حاولوا أن يصلحوا تلك الحال، ودونكم البيان: