رغم حرصي على تتبع كافة موارد البيهقي في "السنن الكبرى"فإنني وجدت هذا الأمر يتطلب عمل سنين متواصلة حتى يخرج بالصورة الدقيقة الشاملة. فإنّ موارد البيهقي قسمان: قسم شفوي تلقاه من أفواه مشايخه بالسماع المتصل. وقسم آخر مدوّن ومحرر في مصنفات تلقى معظمه بالسماع – أيضا - من أصحاب هذه المصنفات، أو ممن سمعها منهم. وبعض هذه المصنفات تَحَمّلَها بطريق الإِجازة أو المكاتبة، أو الوجادة. وعملية التمييز بين المورد الشفوي والمحرر أمر دقيق، وهو يتطلب دراسة متأنية لأسانيد الكتاب من هذه الوجهة. وإذا علمنا أنَّ في الكتاب ما يزيد على ثلاثين ألف إسناد أدركنا مشقة هذا السبيل، ولذلك فإني اكتفيت بما صرح به البيهقي نفسه من أسماء هذه الموارد، وعمدت إلى دراسة خُمْس أسانيد الكتاب أو أكثر، وتمكّنت من معرفة ما يقرب من ضعف ما صرح به البيهقي من المَوارد. وأقمت هذا التحديد لنوعية هذه الموارد على البحث والاستقصاء والتحري. فقمت بدراسة هذا النوع من المرويات، وفحصت أسانيدها، وطبيعة مادتها، وقابلت ما أمكن من موادها مع ما توفر لدي من أصولها المطبوعة، وبقي لدي مثل هذا الكم أو أكثر لم أتمكن من الوقوف على مرجح يمكنني من الجزم بتحديد المورد على وجه الدقة. فآثرت العدول عنها.
ومما لا أشك فيه أنَّ موارد الإمام البيهقي تبلغ أضعاف ما ذكرناه ههنا، وقد بلغت عندنا (١٦٩) مورداً. ولعلَّ الله تعالى يهيئ لي من الظروف - في الأيام القابلة - التي تعينني على إنجاز هذا العمل بشكله الدقيق الوافي.
أما منهجي في سرد هذه الموارد فسأقوم بتقسيمها حسب مواضيعها، وإذا تماثل عنوان المورد ككتب الصحاح والسنن والمسانيد وغيرها فإني عند ذلك أرتبها حسب الأقدمية التاريخية.
كما سأقوم بتوثيق هذه الموارد بعزوها إلى مواضعها من "السنن الكبرى"من غير استيعاب لهذا العزو، فأكتفي بذكر نماذج من هذه المواضع حسب ما يقتضي الحال.