دلت هذه الآية على عدم سب آلهة المشركين مع أن سبها قربة لكن لما كانت وسيلة إلى سب الله منعوا من ذلك.
٢- قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[٢٦] ووجه الدلالة أن الله نهى المؤمنين أن يقولوا راعنا قصدهم الخير، لكن لما كان اليهود يقصدون فاعلاً من الرعونة سد باب هذه الكلمة إلى غيرها مما لا يحتمل غير المراد.
هذه شواهد من الكتاب، وأما السنة فمنها:
١) ما رواه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه؛ فقيل: يا رسول الله وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه [٢٧] .
٢) ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكف عن قتل المنافقين خشية أن يقول الناس إن محمداً يقتل أصحابه [٢٨] .
٣) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بناء المساجد على القبور، ولعن من فعل ذلك، وأمر بتسويتها ونهى عن الصلاة إليها أو عندها، وعن إيقاد المصابيح عليها وما ذلك إلا لئلا تكون ذريعة إلى الشرك فيعبد أصحابها من دون الله [٢٩] .
والشواهد كثيرة على قاعدة سد الذرائع وإنما القصد البيان والاختصار، وقد ضرب شيخ الإسلام ابن تيميه ثلاثين مثالاً، واستشهد لها ابن القيم بتسعة وتسعين دليلاً [٣٠] .
وبالجملة فقاعدة سد الذرائع ربع الشريعة كما قال غير واحد من الأئمة؛ وذلك لأن المحرمات قسمان: مفاسد وذرائع موصلة إليها، وكذلك القربات نوعان: مصالح وذرائع موصلة إليها فصار سد الذرائع المفضية إلى الحرام ربع الدين.