٥) وربما أطلقها بعض الفقهاء على المخارج من المضايق بوجه شرعي ويوجد هذا عند فقهاء الحنفية بكثرة قال الحموي في الأشباه والنظائر:"الحيل جمع حيلة، وهي الحذق وجودة النظر والمراد بها هنا ما يكون مخلصاً شرعياً لمن ابتلى بحادثة دينية ولكون المخلص من ذلك لا يدرك إلا بالحذق وجودة النظر أطلق عليه لفظ الحيلة "[٣٥] .
قلت: وهذا الاستعمال قليل وإن جاز شرعاً وساغ في اللغة ولهذا قال الراغب الأصفهاني: "وقد تستعمل فيما فيه حكمة ".
الموازنة بين الإطلاقات المتقدمة:
الإطلاق الأول هو أعم الإطلاقات الخمسة حيث لم تقيد فيه الحيلة بخفاء أو ظهور، ولا بمدح أو ذم إذ هي كما مرَّ بك: التصرف الذي يتحول به فاعله من حال إلى حال.
ويليه في العموم الإطلاق الثاني وهو ما يتوصل به إلى المقصود بالطرق الخفية.
ويليه في العموم الإطلاق الثالث وهو ما يتوصل به إلى المقاصد المذمومة بالطرق الخفية.
وأخص مما تقدم الإطلاق الرابع وهو إطلاقها على الحيل المذمومة شرعاً كما هو عرف الفقهاء والمحدثين في الغالب حيث عرفوها بأنها ما يتوصل بها إلى استحلال المحرمات وإسقاط الواجبات وتعطيل مقاصد الشرع من الوسائل التي ظاهرها الحل شرعاً وباطنها إسقاط الحكم.
وأخص من الإطلاق الرابع الإطلاق الخامس وهو إطلاقها على مالم يذم شرعاً.
وقد صنف بعض الفقهاء وخاصة فقهاء الحنفية في هذا النوع من الحيل وعرفوها بأنها المخارج من المآزق بما لا يتعارض ومقاصد الشريعة.
إذا علم هذا فإن الحيل تدخل الحكم الشرعي عموماً، تكليفاً أو وضعاً وما يندرج تحتها من أقسام كالواجب والمحرم والسبب والرخصة وغيرها.
وبيان ذلك أن الحيلة جنس يدخل تحته التوصل إلى فعل الواجب وترك المحرم وفعل المندوب وترك المكروه، وتخليص الحق، ونصرة المظلوم وقمع الظالم.