ولعل هذه الرسالة في مضمونها جاءت مكملة لما سبق لابن كمال دراسته في مجموعة من الرسائل في هذا الباب وهي:(الكلمة المفردة) و (اللفظ قد يوضع لقيد) و (المزايا والخواص) و (مشاركة صاحب المعاني اللغوي في البحث عن مفردات الألفاظ المستعملة في كلام العرب)[٢٨] .
ويدعو ابن كمال في دراساته هذه إلى تجديد الدرس اللغوي وإحياء آراء عبد القاهر الجرجاني، والتي ليس بينها وبين المعاصرة فاصل كبير، وهي تأتي في زمن هيمن فيه (مفتاح العلوم) لأبي يعقوب السكاكي (ت ٦٢٦ هـ) ، ونظمه، وشروحه، وتلخيصاته.. فكانت محاولة للخروج من التأثر بالمنطق والفلسفة والعلوم العقلية إلى فهم روح البلاغة، وإثراء الإحساس في تذوق النص الأدبي، ووضع البلاغة والنحو وضعا سليما في خدمة اللسان العربي. وإنما تقوم اللغة بمجموعة العلاقات بين الدلالات ورموز المعاني المتمثلة في الألفاظ لأداء ما في النفس.
وليس للفظ المفرد أهمية ذاتية مهما بلغ من انسجام في حروفه، وحسن وقعه وجرسه، وإنما تبدو أهميته حين ينتظم مع غيره، ويتلاءم مع ما يجاوره ويتوافق معه.. والأداء العربي لا يمكن أن يتحقق إلا لمن كان عارفا بالطرائق الصحيحة في القول، متمرسا بالأساليب العربية الرفيعة، مزودا بالمعرفة النحوية عن طريق الذوق والمعايشة لما تزخر به العربية من روائع القول.
وصف نسختي المخطوط
اعتمدت في تحقيق هذه الرسالة على نسختين في المكتبة السليمانية باستانبول.