للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالمعنى الثاني إن لم يكن فيه تأثير للتوسع والتجوز؛ وإن كان فيها تأثير لهما فلعلم البيان فيها شركة مع علم المعاني، والحظ الوافر للثاني، ضرورة أن الأول [٨٧] منه بمنزلة الغصن [٨٨] من الدوحة [٨٩] ، وقد فرغنا من تحقيق هذا في بعض تعليقاتنا [٩٠] .

وبهذا التفصيل تبين فساد ما قيل [٩١] في شرح القول /ع ٢١٠ب/ المنقول عن صاحب المفتاح ثانيا [٩٢] ، أي علمت حقيقة أن علم المعاني هو معرفة خواص تراكيب الكلام، وأن علم البيان معرفة صياغات المعاني، أي تصويراتها بالصور المختلفة وإيرادها بالطرق [٩٣] المتفاوتة على ما قال /س ٩٨أ/ الجاحظ: إن الشعر صياغة وضرب من التصوير، حيث مبناه على اختصاص معرفة الصياغة بالمعنى الثاني بعلم البيان.

بقي هنا شيء لا بد من التنبيه عليه، وهو أن المعاني المعتبرة عند أرباب هذه الصناعة ثلاثة أنواع:

الأول: معاني النحو التي كان النظم الذي هو الأصل فيها عبارة عن توخي تلك المعاني على ما [٩٤] صرح به الشيخ في مواضع من دلائل الإعجاز، منها قوله [٩٥] : "إذا كان لا يكون النظم شيئا [٩٦] غير توخي معاني النحو وأحكامه فيما بين الكلم، كان من أعجب العجب أن يزعم زاعم أنه [٩٧] يطلب المزية في النظم ثم لا يطلبها في معاني النحو وأحكامه ".

انتهى كلامه، ولذلك، أي ولكون المعتبر في النظم هذه المعاني دون خصوصيات [٩٨] الألفاظ فقد تتبدل [٩٩] الألفاظ [١٠٠] ولا يتغير المعنى، وقد يتغير النظم ولا تغيُّر [١٠١] في الألفاظ. أما الأول فظاهر من اشتراك الكلامين كقولك: (جاء زيد، وذهب عمرو) [١٠٢] في نظم مخصوص. وأما الثاني فلأنك إذا جعلت المبتدأ خبرا، والخبر مبتدأ في نحو قولك: (الذي جاء زيد) يتغير النظم ولا تتغير الألفاظ، وكذا إذا جعلت الصفة حالا أو العكس [١٠٣] ، واعتبر هذا في نحو قوله:

ولقد أمر على اللئيم يسبني [١٠٤]