للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعاني الأُول. وقد نبهت فيما سبق على صياغتها على نحوين: أحدهما ما يكون بالتصرف في النظم بلا اتساع وتجوز في الكلام. والآخر ما يكون بنحو [١١٢] من الاتساع والتجوز [١١٣] فيه مع قطع النظر عن حال النظم.

فإن قلتَ: هل تختلف [١١٤] دلالة المعاني الأُول في كلام مخصوص مركب من مواد معينة، على العاني الثواني بلا اتساع وتجوّز فيه لا من جهة المادة، ولا من جمة الهيئة..؟

قلتُ: نعم إذا تغير النظم وحال [١١٥] المواد [١١٦] على حالها - على ما نقلناه عن الشيخ فيما تقدم.

فإن قلتَ: هلا تتغير حينئذ صورة الكلام الحاصلة بحسب النظم..؟

قلتُ: بلى إلا أن هذا التغيير لا يؤثر في الدلالة ولا يخرجها عن حد الوضع إلى حد العقل [١١٧] .

فإن قلتَ: هل [١١٨] يحصل بمجرد تغير النظم اختلاف في كيفية دلالة المعاني الأُول على المعاني الثواني.

قلتُ: نعم، ألا ترى أن (يسبُني) في قوله [١١٩] :

ولقد أمر على اللئيم يسبني

حال كونه صفة أظهر دلالة على المعنى [١٢٠] المقصود، وهو التمدح بالوقار منه حال كونه حالاً؟ ولقد أفصح عن هذا من قال [١٢١] : ".. المرجح للوصفية على الحالية، إن جعله وصفا، أي لئيم عادته [١٢٢] المستمرة (يسبني) أفيد في المعنى /س ٩٩ب/ على الوقار "انتهى كلامه.

ومن هنا انكشف سر وهو أن الاختلاف في كيفية الدلالة غير منحصر [١٢٣] في طريق المجاز والكناية كما توهمه صاحب المفتاح حيث قال [١٢٤] : انصباب علم البيان إلى التعرض للمجاز والكناية بناء على ما قدمه من أن التفاوت في الدلالة إنما يكون بالدلالة [١٢٥] العقلية. وذلك بالطريقين المذكورين لأن قوله (يسبني) في الوجهين المزبورين على حقيقته. والتفاوت المذكور في الدلالة مرجعه إلى المعنى النحوي، لا إلى المعنى اللغوي. فافهم هذا السر الدقيق [١٢٦] ، فإنه بالحفظ حقيق.