للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلا لقد كانت البهائم تشارك بني آدم في ذلك إنما على الإنسان النظر إلى ذلك كله بتفكر واعتبار أولاً وبفعل الأسباب المؤدية إلى بعض العلوم التي لا نعلمها لنعلمها ونستفيد منها. وقد أخبرنا الله أنه يعلِّمنا ما لم نعلم، قال تعالى: {عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} وإننا متفاوتون في العلم فنسأل عما جهلناه قال تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} فأدر أيها العاقل فكرك في آيات الله في تلك الكواكب في دورانها وطلوعها وغروبها مستمرة مع اختلاف ألوانها وصفاتها وحركاتها، ومرتبة بحساب مقدر لا يزيد ولا ينقص مع عظم حجمها وصغر مرآها لبعدها عنا، فهي باقية على هذا الترتيب والنظام العجيب إلى أن يطويها الله سبحانه كطي السجل للكتب.

وأعظم من ذلك أن النجوم والسماء قد أمسكت من دون عمد نراها ولا معلقة بشيء يمسكها مع ما فيها من عظيم صنع الله وكل العالم لهم السماء كالسقف الواحد، وإن الأرض كروية وكلها في مرأى الأعين كأنها مبسوطة لعظمها وسعتها، وفيها من جنود الله الذين لا يحصيهم إلا هو, وما يعلم جنود ربك إلا هو, مع ذلك كله وغيره يقول الله عز وجل: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاّ قَلِيلاً} وقال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ} فسبحان الله رب العالمين رب العرش العظيم.