بهذا ينتهي حديثي إليك عن الآيات التي وردت فيها همزة الاستفهام داخلة على الفعل الماضي "رأى يا ولكنني أودّ قبل أن أكتب إليك حديثا جديدا- أودّ أن أعود إلى الوراء قليلا لأريك أمورا جاءتك تفاريق في مواضع شتى، ومن هذه الأمور:
١- أن همزة الاستفهام قد دخلت على الفعل الماضي "رأى"في أربع وثلاثين آية من آيات القرآن الكريم، وليس هناك فعل آخر قد دخلت عليه الهمزة وكان في مثل هذا العدد أو قريبا منه.
٢- وأنني قد ذهبت إلى أن {أَرَأَيْتَ} في هذه الآيات كلها كانت بمعنى أخبرني، وأنها من حيث الإعراب علمية تنصب مفعولين: الأول يجيء بعدها ويكون اسما مفردا ظاهرا أو مضمرا- وهو المستخبر عنه من حيث المعنى- والثاني يجيء جملة استفهامية ظاهرة أو مقدرة وهي موضع الاستخبار ومتعلقة ومناطه.
وقد جاء هذان المفعولان من حيث الذكر والحذف على أربع صور:
الصورة الأولى: ذكر المفعولين مصرحا بهما، وقد جاء ذلك في ثلاث عشرة آية:
١- في قوله تعالى:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} الآية (٥٩) من سورة يونس.
المفعول الأول هنا اسم الموصول {مَا أَنْزَلَ} ، والمفعول الثاني الجملة الاستفهامية:{آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ} و {قُلْ} الثانية توكيد للأولى.
٢- وفي قوله تعالى:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ} . الآية (٤٠) من سورة فاطر.
المفعول الأول هنا {شُرَكَاءَكُمُ} والمفعول الثاني الجملة الاستفهامية: {مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ} وجملة {أَرُونِي} معترضة بين المفعولين لتأكيد الكلام وتقويته.