كان الأعلام الثلاثة على قدر كبير من الثقافة - ولا سيما الثقافة الإنجليزية - وقد درسوا آدابها وأخذوا من شعرها ونقدها عددا من الأصول والمفهومات، وأدخلوها في شعرهم ودعوا إليها في نقدهم، فكانوا كما يقول العقاد نفسه:"مدرسة لا شبه بينها وبين من سبقها في تاريخ الأدب العربي الحديث، فهي مدرسة أوغلت في القراءة الإنكليزية، ولم تقتصر قراءتها على أطراف من الأدب الفرنسي- كما كان يغلب على أدباء الشرق الناشئين في أواخر القرن الغابر- وهي على إيغالها في قراءة الأدباء والشعراء الإنجليز لم تنس الألمان والطليان والروس والأسبان واليونان واللاتين الأقدمين، ولعلها استفادت من النقد الإنجليزي الحديث فوق فائدتها من الشعر وفنون الكتابة الأخرى، ولا أخطئ إذا قلت إن "هازلت"هو إمام هذه المدرسة كلها في النقد لأنه هو الذي هداها إلى معاني الشعر والفنون وأغراض الكتابة ومواضع المقارنة والاستشهاد"[٩] .
وأهم جوانب تحديث الديوانيين هي: إضافات في مفهوم الشعر ومحتواه وبعض قواعد الشكل فيه.
أ- في مفهوم الشعر: كان الشعر عند البارودي وتلاميذه صناعة متقنة تقوم على مجموعة من القواعد والقوانين، وقد رفض الديوانيون هذا المفهوم، وقرروا أن الشعر إبداع يعبر عن ذات الشاعر، ويصور عالمه الداخلي، بكافة مناحيه وطاقاته النفسية، ويصدر عن الشعور ويضطرب بالعاطفة، يقول عبد الرحمن شكري في تعريف الشعر:"هو كلمات العواطف والخيال والذوق السليم، فأصوله الثلاثة متزاوجة "[١٠] .
ب- في مضمون الشعر: اهتم الديوانيون بالقضايا الوجدانية، ووجهوا الشعر نحو استبطان الذات والتعبير عن الاحساسات الفردية، وقلما اهتموا بالقضايا العامة التي كان يهتم بها شوقي وحافظ وأحمد محرم.. الخ.